دولي

الأزمات الدولية: قد يتم تصنيف الحكومة اليمنية على أنها مُفسدة للاتفاقات

03-07-2020 الساعة 1 مساءً بتوقيت عدن

language-symbol

سوث24| زيورخ


قالت مجموعة الأزمات الدولية أنه وبعد خمس سنوات من الحرب، تواجه أطراف الصراع في اليمن خياراً صارخاً؛ فإما القبول بوقف لإطلاق النار وتسوية سياسية غير مثالية، خصوصاً في ضوء المخاوف من تفاقم تفشي جائحة كوفيد-19، أو الاستمرار في حرب ستتسبب بالمزيد من المعاناة الإنسانية دون أن يكون بوسع أي فريق تحقيق نصر عسكري واضح على مستوى البلاد.


وأضافت المجموعة الدولية في أحدث تقرير مطول لها أصدرته أمس الخميس "في وقت ما من الماضي كان يمكن لتسوية سياسية بين الحكومة المعترف بها دولياً والحوثيين – سلطات الأمر الواقع في صنعاء – أن تكون قادرة على إنهاء الحرب وإعادة البلاد إلى عملية انتقال سياسي. إلا أن التحولات التي حدثت على التوازن العسكري، والتشظي السياسي والمناطقي، والتدخل الإقليمي ثقيل الوطأة غيّر متطلبات صنع السلام. الآن، بات هناك حاجة لتسوية متعددة الأطراف بوساطة من الأمم المتحدة، إضافة إلى ترتيبات حكم مؤقتة تتحاشى التحول السريع إلى إعادة تركيز السلطة في صنعاء لصالح فريق أو فريقين وحسب."


وبحسب الأزمات الدولية، يتمثل أحد أكبر عوائق التوصل إلى تسوية في مقاربة دولية لم تعد صالحة لإنهاء الحرب. تعتقد حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي أن أي اتفاق ينبغي أن يبنى على الأسس التي نص عليها قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 الذي صدر في نيسان/أبريل 2015 والذي تفسره على أنه شكل من أشكال الدعوة القانونية للحوثيين للاستسلام، وتسليم الأسلحة الثقيلة والسماح للحكومة بالعودة إلى حكم اليمن من صنعاء. المحادثات التي توسطت فيها الأمم المتحدة في الكويت في عام 2016 أنتجت مسودة اتفاق يستند إلى القرار 2216 أصبحت إطاراً للمفاوضات التالية. كان من شأن الاتفاق أن يفضي إلى ترتيبات لتقاسم السلطة تعطي دور الأقلية للحوثيين في الحكومة وتمهد الطريق لإجراء انتخابات على مستوى البلاد.


لذلك ترى الأزمات الدولية أنه قد تغير الكثير منذ عام 2016. تقول المجموعة "عزز الحوثيون سيطرتهم على الشمال الغربي وباتوا يهددون آخر معاقل الحكومة في الشمال – في مأرب. وقد اكتسبوا ثقة متزايدة بإحكام قبضتهم على السلطة في صنعاء ويريدون الآن اتفاقاً يتجاوز حكومة هادي ويعترف بالوقائع القائمة على الأرض، والتي يعتقدون أنها لصالح حكمهم. وإدراكاً منها لضعف موقفها على الأرض، تمسكت الحكومة بوضعها القانوني وباتت أكثر مقاومة لأي اتفاق قد يمنح خصومها الشرعية."


الأزمات: خمسة أطراف تتقاسم الخريطة السياسية والعسكرية في اليمن

وقسمت الأزمات الدولية أطراف السيطرة السياسية والعسكرية على الخريطة اليمنية إلى خمسة أطراف: المرتفعات الشمالية التي يسيطر عليها الحوثيون؛ والمناطق التي تديرها الحكومة في مأرب، والجوف، وشمال حضرموت، والمهرة، وشبوة، وأبين ومدينة تعز؛ والمناطق الخاضعة لسيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي الداعي للانفصال في عدن وما يحيط بها من مناطق داخلية؛ والمناطق الواقعة على ساحل البحر الأحمر حيث تشكل قوات المقاومة المشتركة القوة الرئيسية؛ وساحل حضرموت، حيث السيطرة للسلطات المحلية.


يقول التقرير المطول أن "رحى الحرب تدور على عدة جبهات، لكل منها ديناميكياتها السياسية وسلاسل السيطرة والتحكم. المجموعات المحلية، وبعضها مرتبط على نحو غير وثيق بمعسكر الحكومة لكن تعمل بشكل مستقل عملياً، ترفض فكرة أنه قد يترتب عليها التخلي عن استقلالها الذي حققته حديثاً لحكومة مركزية، كما يقترح إطار الكويت الذي توصلت إليه الأمم المتحدة والذي ترغب حكومة هادي والحوثيين على حد سواء بحدوثه، ولو كان تحت حكم مختلف. وفي غياب مشاركة هذه المجموعات، فإن أي تسوية سلمية لن تكون مستدامة."


ولذلك ومن وجهة نظر الأزمات الدولية فإن عملية سياسية ناجحة تتطلب أمرين:  أولاً، سيتوجب إقناع الأطراف أن من مصلحتها التخلي عن مطالبها القصوى.


وتضيف "التوازن العسكري يميل لصالح الحوثيين، لكن ليس إلى الحد الذي قد يظنونه. يبدو أنهم يعتقدون أنهم يستطيعون التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب مباشرة مع الرياض، لكنهم يقاتلون جملة واسعة من الخصوم الذين من غير المرجح أن يقبلوا بتسوية لا تحمي مصالحهم الرئيسية أو يلتزموا بتسوية ببساطة لأن الرياض تطلب منهم ذلك."


وتضيف المجموعة الدولية "إن تحقيق نصر عسكري واضح لأي طرف، بما في ذلك الحوثيين، غير مرجح على الإطلاق. علاوة على ذلك، فإن حكومة هادي، ومهما كانت ضعيفة، ما تزال السلطة المعترف بها دولياً في اليمن. ولهذه الأسباب، ينبغي على الحوثيين القبول بأن اتفاقاً تتوسط فيه الأمم المتحدة لن يؤدي ببساطة إلى نقل السلطة إليهم وتحويل الوقائع على الأرض إلى اعتراف دولي بحكمهم. بالمقابل، ينبغي على الحكومة القبول بأن مطالبها بالعودة إلى السلطة في صنعاء من خلال استسلام الحوثيين فعلياً أمر غير واقعي بالمرة. السعودية، من جهتها، لن تكون قادرة على إعلان النصر في اليمن كما قد يأمل قادة الرياض. إن مطلبها بابتعاد الحوثيين عن طهران قد يشكل هدفاً بعيد المدى لكن ليس شرطاً للتوصل إلى تسوية سياسية."


الأزمات: يجب مشاركة أطراف قوية كالمجلس الانتقالي في المحادثات

وتقول الأزمات الدولية أن "إعادة النظر في إطار التفاوض وفي فحوى أي اتفاق يمكن التوصل إليه. فثمة إجماع دولي ويمني متزايد على أن التسوية التي حاولت الأمم المتحدة التوصل إليها بين طرفين على مدى الحرب من غير المرجح أن تترجم إلى سلام دائم. لقد بات من الواضح على نحو متزايد أنه ينبغي على الأمم المتحدة توسيع المحادثات، في الحد الأدنى لضمان مشاركة مجموعات قوية مثل المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي، القادرة على تقويض أي تسوية."


كما ترى المجموعة أن المقاربة الراهنة تستبعد المجموعات القبلية، والسلطات المحلية وجملة من الأطراف السياسية، ومجموعات النساء والشباب وغيرها من أطراف المجتمع المدني الذين سيكون دعمهم بالغ الأهمية لاستدامة أي اتفاق.


وترى المجموعة بأن أي اتفاق قادم يجب أن يعالج الوقائع الجديدة وأن يقر بأخطاء الماضي. "المجموعات المحلية تثمن الاستقلال الذي اكتسبته على مدى الحرب وستقاوم الاندفاع إلى إعادة السلطة المركزية للدولة إلى صنعاء."


يمكن أن تصنف القوى الخارجية حكومة هادي على أنها سلطة مفسد للاتفاقات

وترى المجموعة الدولية أن حكومة هادي قد "تشعر بإغراء الانتظار إلى أن يحدث تحوّل حاسم لصالحها، مدفوع بالدعم السعودي. لكن بمقاومة المفاوضات، فإنها تخاطر بتردي موقفها أكثر على الأرض وبأن تصنف من قبل القوى الخارجية التي تعتمد عليها في مكانتها بوصفها السلطة المعترف بها على أنها مفسدة للاتفاقات."


كما تضيف المجموعة الدولية بأن "المجموعات المعادية للحوثيين وغير المتحالفة مع الحكومة، مثل المجلس الانتقالي الجنوبي وقوات المقاومة المشتركة، قد ترى في صراع يستمر لمدة أطول فرصة لخلق وقائع على الأرض قد تؤدي إلى تحسين موقعها التفاوضي. لكن فعل ذلك قد يعني المراهنة على أن الدعم الإقليمي سيستمر – وهو رهان غير مؤكد، خصوصاً خلال جائحة كورونا."


وتختم الأزمات الدولية ملخصها التنفيذي لتقريرها المطولة "في وقت ما خلال مسار الحرب، بالغ كل طرف بتقدير قدرته على تحقيق أهداف قصوى، ليصدم بانتكاسات رئيسية. إن التوصل إلى اتفاق مقبول من الجميع اليوم لن يؤدي إلى تحقيق التسوية التي يفضلها أي طرف من الأطراف، لكن من شبه المؤكد أنها ستكون أفضل مما قد يكون متوفراً بعد سنوات أخرى من الصراع."


- المصدر الأصلي للتقرير الكامل: الأزمات الدولية


شارك
اشترك في القائمة البريدية

اقرأ أيضا