خزانات نفط تحترق في ميناء الحديدة الذي يسيطر عليه الحوثيون باليمن بعد ضربات إسرائيلية، 20 يوليو 2024 (أسوشيتد برس)
28-12-2024 الساعة 6 مساءً بتوقيت عدن
سوث24 | عبد الله الشادلي
تسارعت حدة التصعيد العسكري بين جماعة الحوثيين المدعومة من إيران وإسرائيل، لتصل إلى ذروتها خلال ديسمبر الجاري مع أكثر من 9 هجمات مُعلنة للحوثيين نحو العمق الإسرائيلي بصواريخ ومسيرات. في المقابل نفذت إسرائيل غارات جوية استهدفت موانئ الحديدة ومطار صنعاء الدولي لأكثر من مرة، بالإضافة لمنشآت طاقة في المحافظتين اللتين تسيطر عليهما المليشيا اليمنية.
ويتعهد الحوثيون بمواصلة الهجمات ضد السفن التي تعبر باب المندب، والعمق الإسرائيلي، إلى ما لا نهاية إذا لم تتوقف الحرب بغزة. بينما يتوعد القادة الإسرائيليون الحوثيين بمصير مشابه لحركة حماس الفلسطينية وحزب الله اللبناني. وقد أشارت وسائل الإعلام الإسرائيلية للحوثيين باعتبارهم الآن أنشط وأخطر مجموعات "محور المقاومة" الذي تقوده إيران في المنطقة، بعد تدمير قدرات حماس وحزب الله بشكل كبير، وسقوط نظام الأسد في سوريا.
فما هي مآلات التصعيد بين إسرائيل والحوثيين الذي بدأ في نوفمبر 2023، ويبدو أنه سيستمر بشكل أكثر قوة مع بداية العام الجديد 2025؟
الهدف التالي
في (22 ديسمبر)، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنَّ "إسرائيل ستتحرك بقوة ضد الحوثيين"، وأكد على إنَّ "الحوثيين لن يكونوا استثناءً عن المصير الذي لاقته أذرع إيران الأخرى في المنطقة".
وقال نتنياهو: "سنواجه الحوثيين بحزم كما واجهنا أذرع إيران في المنطقة والنتيجة ستكون مماثلة"، وأضاف: "نحن لا نعمل وحدنا، أمريكا ودول أخرى تعتبر الحوثيين تهديداً على الملاحة والنظام الدولي".
وأضاف: "سنتصرف بحزم وإصرار وحنكة. أؤكد لكم أن النتيجة، حتى وإن استغرقت وقتاً، ستكون مشابهة لما حدث مع الأذرع الأخرى للعنف الإيراني".
وتؤكد الكاتبة الإسرائيلية ليئور بن أري على مواقف بلادها بشأن الحوثيين. وقالت لمركز سوث24: "الحوثيون، المدعومون من إيران، يهاجمون إسرائيل منذ بداية الحرب، مستخدمين الصواريخ والطائرات المسيرة".
وأضافت: "إسرائيل لن تسمح بتهديد أمن مواطنيها، وقد رأينا العواقب التي واجهها شركاء إيران. لن تسمح للحوثيين بأن يصبحوا منصة جديدة للتهديد من اليمن. وقالت إنه "يجب على الحوثيين أن يهتموا بمساعدة سكانهم قبل أن يفكروا في دعم غزة أو تحقيق رغبات إيران".
ويعتقد الباحث الأمريكي في الشأن اليمني، نيك برومفيلد أنه مع تحييد حزب الله في لبنان، ستتجه إسرائيل والولايات المتحدة بشكل متزايد نحو اليمن. وقال برومفيلد لمركز سوث24: "مع استمرار الحوثيين في هجماتهم في البحر الأحمر وإسرائيل، رأينا هذا واضحاً من خلال الضربات على صنعاء وموانئ البحر الأحمر الأسبوع الماضي."
ولفت إلى أن هذا قد يؤدي إلى زيادة معدل هجمات الحوثيين، على غرار الديناميكية السابقة.
ويتفق معه الباحث غير المقيم بمركز كارنجي للشرق الأوسط، إبراهيم جلال، الذي يرى أن الأوضاع قد تتجه نحو مزيد من التوتر.
وقال جلال لمركز سوث24: "هذا التصعيد يعكس تحولاً في استراتيجية إسرائيل، التي قد تتجه نحو استهداف البنية التحتية المدنية في اليمن". وأضاف: "من المرجح أن تواصل إسرائيل استهداف البُنى المدنية في الحديدة وصنعاء، ظناً منها أنها تخنق الحوثيين اقتصادياً ومجتمعياً".
انعكاسات
في 8 ديسمبر، قال المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ أنه "من غير الممكن المضي قدما في خارطة الطريق في الوقت الحالي، لأنني لا أعتقد أن تنفيذ خارطة الطريق هذه سيكون ممكنا". وأوضح غروندبرغ أن الأطراف المتحاربة والشعب اليمني المحاصر لا يمكنهم الانتظار إلى أجل غير مسمى لخارطة طريق للسلام قبل أن تنزلق البلاد مرة أخرى إلى الحرب .
وقال غروندبرغ إن "العامل المعقد الآن هو زعزعة الاستقرار الإقليمي، حيث أصبح اليمن جزءا لا يتجزأ من خلال الهجمات في البحر الأحمر ". وكان المبعوث الأممي قد أقر في إحاطات سابقة لمجلس الأمن الدولي بانعكاسات كبيرة للوضع الإقليمي على المسار السياسي للأزمة اليمنية. واليوم، هناك تكهنات بشان انعكاسات حتى على المسار العسكري.
وبالفعل، خلال الأيام الأخيرة شهدت جبهات مدينة تعز وسط في شمال اليمن أعمالًا قتالية بين القوات الموالية للحكومة اليمنية ومليشيا الحوثيين، هي الأبرز منذ أبريل 2022 عندما تم الإعلان عن هدنة أممية انتهت رسميًا في أكتوبر من ذلك العام لكنها استمرت إلى اليوم بشكل غير رسمي. وكانت جبهات الحوثيين ضد القوات الجنوبية التابعة للمجلس الانتقالي في لحج والضالع قد شهدت هي الأخرى اشتباكات خطيرة طوال عام 2024.
لكن انعكاسات الوضع الإقليمي في اليمن لا تتوقف عند المستوى العسكري، فالتصعيد الأخير بين الحوثيين وإسرائيل ينذر بتداعيات إنسانية وخيمة كما يشير الخبير نيك برومفيلد. وقال: "لقد قامت إسرائيل بتنفيذ غارات على البنية التحتية المدنية الحيوية مثل الموانئ ومحطات الطاقة. حتى لو لم تؤدِ إلى تصعيد أكبر في الصراع الداخلي، فإن لها تأثيرات إنسانية كبيرة."
هل يتوقفون؟
ما تزال الجهود والمساعي نحو تحقيق وقف إطلاق للنار في قطاع غزة الفلسطيني مستمرة. وفي حال نجحت هذه المساعي، يبرز السؤال: هل سيوقف الحوثيون هجماتهم البحرية وهجماتهم نحو إسرائيل كما تعهدوا سابقًا؟ وهل هذا التطور كفيل بكبح جماح التصعيد الإسرائيلي الحوثي؟
وفي هذا الاتجاه، يعتقد الخبير برومفيلد أن "الحوثيين قد يتوقفون عن هجماتهم لفترة من الوقت إذا أتيحت لهم الفرصة لإنقاذ وجههم". مضيفًا: "بينما سيظل الحوثيون تهديداً طويل الأمد للشحن في باب المندب، فإن وقف إطلاق النار في غزة قد يمنحهم فترة من الهدوء".
لكن حتى لو توقف الحوثيون عن أفعالهم، يبدو أن لا ضمانات حقيقية بتراجع إسرائيل وحلفائها عن نواياهم في ضرب المليشيا اليمنية لمنع تكرار هذه الأحداث في المستقبل. وقد أكد رئيس الوزراء نتنياهو عزمه لأكثر من مرة على تدمير مجموعات محور المقاومة الإيراني، بل ضرب النظام الإيراني نفسه وإحداث تغيير شامل في الشرق الأوسط.
وبينما تشير وسائل إعلام إسرائيلية إلى انتظار نتنياهو وصول ترامب إلى البيت الأبيض في 20 يناير القادم لضرب الحوثيين وإيران، تقول أخرى إنه يحاول حسم هذه الملفات وتثبيت وقائع جديدة على الأرض قبل حدوث ذلك. وقد تعهد ترامب في حملته الانتخابية بإطفاء نيران الحروب في الشرق الأوسط والعالم، لكنه لم يحدد كيف سيفعل ذلك.
وفي مطلع ديسمبر، هدد ترامب حماس بـ "ضربة تاريخية" إذا لم يفرجوا عن "الرهائن" الإسرائيليين قبل وصوله إلى البيت الأبيض. ويفسر هذا التصريح جزئيًا خطة ترامب لوقف الحروب في المنطقة، إذ أنه ليس بالضرورة فعل ذلك عبر القنوات السياسية كما يرى مراقبون، بل قد يكون عبر القوة والخشونة اللذين عرف بهما ترامب خلال ولايته الرئاسية السابقة.
وهذا يطرح الأسئلة بشأن الجزء الخاص بالحوثيين ضمن هذه الخطة، وما إذا كان سيرفع تصنيفهم كجماعة إرهابية إلى الدرجة الأولى كما فعل خلال أيامه الأخيرة في ولايته الرئاسية السابقة.
قبل 24 يوم