ممارسات الحوثيين تهدد العمل الإنساني الدولي في اليمن الفقير

Credit: afp/getty images

ممارسات الحوثيين تهدد العمل الإنساني الدولي في اليمن الفقير

التقارير الخاصة

السبت, 22-06-2024 الساعة 04:19 مساءً بتوقيت عدن

سوث24 | عبد الله الشادلي 

في  6 يونيو الجاري، شنت جماعة الحوثيين اليمنية المدعومة من إيران حملة اختطاف طالت موظفين في الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية، وموظفين يمنيين سابقين في سفارة الولايات المتحدة بصنعاء. 

أشارت الأرقام الرسمية الأممية إلى "اعتقال" 13 من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى خمسة موظفين من المنظمات غير الحكومية المحلية، خلال الحملة التي شملت صنعاء والحديدة وصعدة. 

ووفقًا لوزارة الشؤون القانونية في الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، بلغ عدد من تم اختطافهم اكثر من 50 موظفاً من موظفي المنظمات الدولية والمحلية، بينهم أربع نساء أحداهن اعتقلت مع زوجها وأطفالها. 



وفي 10 يونيو، أعلنت مخابرات الحوثيين في بيان صادر عن أجهزتها الأمنية، أن "شبكة تجسس أمريكية إسرائيلية" تم القبض عليها في اليمن، وأن هذه الشبكة كانت مرتبطة "بشكل مباشر بوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية" (سي آي إيه).

ولم يحدد بيان الحوثيين عدد المعتقلين، لكنه تحدث عن أدوار تجسسية وتخريبية للموظفين اليمنيين السابقين في السفارة الأمريكية والمنظمات الأممية وغير الحكومية. 

وزعم البيان أن "شبكة التجسس" استمرت في أنشطتها بعد مغادرة السفارة الأمريكية من صنعاء في بداية 2015، مستترة تحت غطاء منظمات دولية وأممية وشعارات العمل الإنساني.

ونشر الحوثيون عبر قناة "المسيرة" مقاطع فيديو تظهر الموظفين وهم يدلون باعترافات شكك خبراء ونشطاء في أنها قيلت تحت الضغط والتعذيب، فيما قال آخرون إنها تدين الحوثيين كونها لا تثبت شيئًا. 

وفي 11 مايو الجاري، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إلى الإفراج الفوري عن جميع المعتقلين لدى الحوثيين. 

وقال غوتيريش: "هذا تطور مقلق ويثير مخاوف جدية بشأن التزام الحوثيين بحل تفاوضي للصراع. الأمم المتحدة تدين جميع عمليات الاحتجاز التعسفي للمدنيين. أطالب بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع موظفي الأمم المتحدة المحتجزين".

ودعت الحكومة اليمنية، الأمم المتحدة والوكالات الدولية إلى نقل مقراتها الرئيسية إلى العاصمة عدن، "لما من شأنه ضمان بيئة آمنة وملائمة لعمل هذه المنظمات".

وفي 15 يونيو، أدانت الولايات المتحدة وأستراليا وكندا ونيوزيلندا والمملكة المتحدة إجراءات الحوثيين.  وقالت في بيان مشترك إن "هذه الاعتقالات تمثل تصعيدا من قبل الحوثيين، وتعرض عملية السلام الحساسة للخطر"، مضيفة أن الاعتقالات "إهانة للسلم والأمن الدوليين".

أثارت هذه التطورات المخاوف من التداعيات على العمل الإنساني الدولي في اليمن المنكوب بالحرب حيث يعيش الملايين من الشعب في فقر مدقع. وكانت ممارسات الحوثيين قد عطلت منذ ديسمبر الماضي مساعدات برنامج الغذاء العالمي في مناطق شمال التي يسيطرون عليها من العام 2015.

دور مهم 

خلال السنوات الأخيرة، قدمت وكالات الأمم المتحدة وشركاؤها المحليون الإغاثة وخدمات صحية ودوائية لشرائح واسعة من اليمنيين، أسهمت إلى حد ما في تخفيف وطأة الأزمة الإنسانية. 

وتركز جزء كبير من هذه الجهود في شمال اليمن حيث الكتلة السكانية الأكبر في اليمن، لاسيما مع تنصل الحوثيين عن كثير من الالتزامات الواقعة على عاتقهم كسلطة أمر واقع.

وخلال النصف الأول من العام الماضي، رصد مركز سوث24 مشاريع بقيمة 94 مليون دولار في مناطق سيطرة الحوثيين مولتها 3 جهات في الأمم المتحدة فقط، هي مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع، منظمة الأمم المتحدة للطفولة، برنامج الأغذية العالمي.

ومع دخول العام 2024، قالت الأمم المتحدة إن 18.2 مليون شخص في اليمن، أي أكثر من نصف سكان البلاد، بحاجة إلى المساعدة الإنسانية وخدمات الحماية.

تداعيات متوقعة 

يحذر الصحفي اليمني إياد الشرعبي من أن ممارسات الحوثيين الأخيرة "ستُؤثر بشكل كارثي على ملايين اليمنيين الذين يعتمدون على المساعدات الإنسانية المقدمة من المنظمات الدولية". مضيفًا لمركز سوث24: "هذه الحملات ستُضاعف من معاناة آلاف الأسر اليمنية التي نهب الحوثيون رواتبهم منذ تسع سنوات".

ويعتقد الشرعبي أن المنظمات الدولية التي حاولت التماهي مع الحوثيين والعمل تحت سيطرتهم ستجد نفسها اليوم مضطرة لنقل عملياتها ومقراتها من صنعاء إلى عدن. 

رئيس مؤسسة عدن للحقوق والتنمية، مروان مانع الشاعري يرى أن النهج القمعي للحوثيين وصل إلى ذروته خلال الحملة الأخيرة. وقال لمركز سوث24 إن المخاوف من تأثر العمل الإنساني في اليمن تعززت أكثر من أي وقت مضى. 

التوقيت والدلالات  

تزامنت إجراءات الحوثيين الأخيرة مع قرارات اقتصادية أصدرتها الحكومة اليمنية في عدن، من بينها قرارات للبنك المركزي اليمني بنقل المقرات الرئيسية للبنوك التجارية من صنعاء إلى عدن، ونقل أرصدة طيران اليمنية أيضًا من صنعاء إلى عدن، والدعوة لنقل مكاتب وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية كذلك.


ويربط الباحث السياسي والحقوقي اليمني د. خالد الشميري ممارسات الحوثيين ضد الموظفين  بالإجراءات الاقتصادية الأخيرة للحكومة اليمنية. 

وقال لمركز سوث24: "من ناحية، هناك العوامل الخارجية المتمثلة في رد الحوثيين على الإجراءات الأمريكية التي تهدف إلى الضغط عليهم مثل قرار تصنيفهم جماعة إرهابية. ومن ناحية أخرى، هناك العوامل الداخلية المتعلقة بقرارات الحكومة الشرعية في عدن، كقرار نقل مقرات البنوك من صنعاء إلى عدن".

وأردف: "الرسالة التي يوجهها الحوثيون هي أن أي أوراق ضغط تستخدم ضدهم من قبل المجتمع الدولي وخاصة أمريكا، سيتم مواجهتها بأوراق مضادة تهدد مصالحهم، كاستمرار تهديد الملاحة البحرية الدولية والتضييق على منظمات الأمم المتحدة".

ويرى مروان الشاعري أنّ هذه الاعتقالات تُمثّل محاولة من قبل الحوثيين للضغط على الفاعلين الدوليين والتأثير عليهم. ويؤيد أنها أيضًا تهدف لإفشال تحركات عدن. 

ويتفق إياد الشرعبي مع هذا الطرح، مضيفًا: "الحوثيون اعتبروا أن قرارات الحكومة اليمنية جاءت بضوء أخضر من الأمريكيين، لذا سارعوا إلى تضخيم الإعلان عن خلايا الجواسيس الأمريكية والترويج لها قبل ساعات من البيان".

وأردف: "موضوع الخلايا التجسسية هو وسيلة لأهداف سياسية تريد عبرها جماعة الحوثيين الضغط لإيقاف هذه القرارات الحكومية التي شكلت ضربة موجعة لهم".

وحتى الآن، لم تتخذ منظمات الأمم المتحدة أو المنظمات غير الحكومية العاملة في اليمن أي إجراءات ردا على اختطاف موظفيها من قبل الحوثيين، رغم أن الموظفين يواجهون خطر المحاكمة وتلقي أحكام قد تصل إلى الإعدام التي يستخدمها الحوثيون منذ سنوات ضد خصومهم أو معارضيهم.

وفي 1 يونيو، أصدرت المحكة الجزائية بصنعاء حكم الإعدام بحق 45 شخصًا، بينهم مالك ومؤسس شركة تجارية. 



صحفي ومحرر لدى مركز سوث24 للأخبار والدراسات



اليمنالحوثيونالأمم المتحدةاعتقالموظفونالسفارة الأمريكيةصنعاء