قادة المجلس العسكري في النيجر - رويترز
09-08-2023 الساعة 7 مساءً بتوقيت عدن
سوث24 | عدن
في 26 يوليو الماضي، نفَّذ الحرس الرئاسي في دولة النيجر الإفريقية انقلابًا عسكريًا وصف بـ "الدرامي" ضد الرئيس محمد بازوم، ليُعلن قائد الحرس الرئاسي الجنرال عبد الرحمن تشياني تشكيل مجلس انتقالي عسكري لإدارة البلد تحت قيادته.
كان ذلك خامس انقلاب عسكري في البلد الإفريقي الغني باليورانيوم الذي استقل عن فرنسا عام 1960، وواحدًا من بين عدة انقلابات عصفت بمنطقة غرب إفريقيا منذ 2020 وأطاحت بحكومات في دول من بينها مالي وغينيا وبوركينا فاسو.
وقال الجنرال تشياني في خطاب متلفز إن الرئيس بازوم محتجز في القصر الرئاسي وفي صحة جيدة. وتحدث عن مشاكل تعيشها النيجر قال إنها أدت إلى استيلاء المجلس العسكري الانتقالي على السلطة، من بينها انعدام الأمن والمشاكل الاقتصادية والفساد. كما أعلن حظر التجوال وإغلاق الحدود.
ردًا على الانقلاب، لوَّحت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "إيكواس" التي تضم النيجر والدول المجاورة لها، في 30 يوليو الماضي، بالتدخل العسكري لإعادة الرئيس المعزول بازوم إلى كرسي السلطة. ومنحت المجموعة المجلس العسكري في النيجر مهلة أسبوع "لاستعادة الدستور في البلاد".
وفرضت المجموعة الإفريقية عقوبات اقتصادية على قادة المجلس العسكري في النيجر وعائلاتهم عبر تجميد الأصول والأموال، كما فرضت حظرًا على الرحلات التجارية إلى ومن البلاد.
كما دعا الاتحاد الإفريقي المجلس العسكري في النيجر إلى التراجع عن الانقلاب. وأعلن الاتحاد الأوروبي أنَّه "لا يعترف ولن يعترف بسلطات الانقلاب" في النيجر، وأنَّه يعلق فورًا "كل تعاونه في المجال الأمني" مع الدولة الأفريقية الواقعة في منطقة الساحل.
وفي 1 أغسطس، قالت وزارة الخارجية الجزائرية: "تحذر الجزائر وتدعو إلى ضبط النفس بشأن نوايا التدخل العسكري الأجنبي في النيجر. استعادة النظام يجب أن يتم عن طريق الوسائل السلمية حتى لا تواجه النيجر والمنطقة بأكملها نقصًا في الأمن والاستقرار ".
وفي 4 أغسطس، قال وزير الدفاع التشادي داود يحيى إنّ بلاده لن تتدخل عسكريا في النيجر. وحث "الجميع" على الحوار لعودة الاستقرار إلى هذا البلد.
وفي 6 أغسطس الجاري، قالت وزارة الخارجية الفرنسية إنَّ باريس "ستدعم جهود المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) لإفشال الانقلاب العسكري في النيجر". والتقت وزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولونا مع رئيس وزراء النيجر أوهومودو محمدو الذي كان في إيطاليا عند حدوث الانقلاب.
في المقابل، حذَّرت دولتا مالي وبوركينا فاسو من أي تدخل عسكري في النيجر. وقال بيان صادر عن الدولتين اللتين حدث فيهما انقلابان عسكريان ضد أنظمة مقربة من فرنسا إنَّ أي تدخل عسكري سيكون "بمثابة إعلان حرب". ردًا على البيان، علقت فرنسا مساعداتها لدولة بوركينا فاسو.
ورغم انتهاء مهلة إيكواس الأحد الماضي، لم يحدث أي تدخل عسكري في النيجر حتَّى الآن. وأعلن المجلس العسكري في النيجر إغلاق المجال الجوي في البلاد تحسبًا لأي طارئ. كما رفض استقبال وفود دبلوماسية من مجموعة "إيكواس" والأمم المتحدة أمس الثلاثاء.
وطالبت مالي وبوركينا فاسو مجلس الأمن الدولي في رسالة الثلاثاء بمنع أي عمل مسلح ضد النيجر، قائلة إنه سيكون له عواقب "لا يمكن التنبؤ بها"، وسيؤدي إلى تفكك المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا.
وجاء في الرسالة التي وقعها الجانبان أن "الحكومتين الانتقاليتين لبوركينا فاسو وجمهورية مالي تناشدان مجلس الأمن ... استخدام جميع الوسائل المتاحة له لمنع العمل المسلح ضد دولة ذات سيادة". وقالت الدولتان إنهما ملتزمتان بإيجاد حلول من خلال الدبلوماسية والتفاوض.
وقال وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، في وقت متأخر يوم الثلاثاء إنه تحدث إلى رئيس النيجر المعزول محمد بازوم للتعبير عن الجهود المستمرة لإيجاد حل سلمي للأزمة. وأضاف في تغريدة على منصة إكس [تويتر سابقا]: "تكرر الولايات المتحدة دعوتها إلى الإفراج الفوري عنه وعن أسرته".
وفي تطور هو الأبرز، قال المجلس العسكري في النيجر اليوم الأربعاء إن طائرة حربية فرنسية اخترقت المجال الجوي وهاجمت قوات الحرس الوطني. واتهم البيان الجيش الفرنسي بتحرير "16 إرهابيا" من السجون عقب الضربات الجوية.
ردًا على ذلك، قالت الخارجية الفرنسية في بيان لها: "نرفض اتهامات المجلس العسكري في النيجر، وقواتنا موجودة هناك بطلب من السلطة الشرعية". وأضاف البيان: "حركة الطائرات الفرنسية في أجواء النيجر اليوم كانت جزءًا من اتفاق مُسبق مع القوات المسلحة الشرعية".
بؤرة صراع دولي؟
بصورة عامة، يُنظر إلى الانقلابات العسكرية الأخيرة في غرب إفريقيا على أنَّها ضربات للنفوذ الفرنسي والغربي في هذا الجزء الاستراتيجي من القارة السمراء. ويتهم قادة عسكريون في مالي وبوركينا فاسو فرنسا بدعم أنظمة فاسدة لاستمرار الحصول على الموارد وفي مقدمتها خام اليورانيوم والذهب والألماس وغيرها.
وعلى الرغم من اعتراف الولايات المتحدة بغياب أي دليل على وجود مقاتلي مجموعة فاغنر العسكرية الروسية في النيجر، إلا أنَّ الشكوك تحوم حول دور روسي مفترض في دعم أو تشجيع الانقلابات الإفريقية الأخيرة في إطار الصراع مع الولايات المتحدة وفرنسا والغرب ككل، ولتخفيف الضغط على الجبهة الأوكرانية.
وكانت روسيا قد سعت بشكل كبير إلى نسج علاقات وثيقة مع الدول الإفريقية، وعقدت قمتان في أكتوبر 2019 ويوليو 2023 مع هذه الدول. كما أعلنت مؤخرا إرسال شحنات مجانية من الحبوب إلى عدد من الدول الإفريقية، ومن بينها دولة بوركينا فاسو التي يقودها الضابط الشاب إبراهيم تراوري.
مُتعلق: القمة الروسية الإفريقية: السياقات والأهداف
وكان تراوري قد ألقى خطابًا في القمة الروسية الإفريقية الأخيرة بمدينة سانت بطرسبرغ خلال 27- 28 يوليو الماضي، ندد فيه بأوضاع الدول الإفريقية ودعا إلى التحرر واستغلال الثروات لصالح الأجيال. ولاقت كلمة تراوري رواجًا واسعًا في الأوساط الإفريقية.
ومع أن احتمال التدخل العسكري الإفريقي، أو حتى الفرنسي والغربي في النيجر لايزال واردًا، يستبعد الصحفي المصري حمادة عبد الوهاب حدوث ذلك.
وأشار عبد الوهاب في حديث لمركز "سوث24" إلى أنَّ "قوات الإيكواس التي تتكون من 15 دولة منقسمة على ذاتها، حيث إنّ هناك دول تقف على الحياد وهناك دول تدفع نحو التدخل، وهناك دول تعارض التدخل".
وأضاف: "الدول التي تعارض التدخل هي: مالي وبوركينا فاسو، والدول التي تدفع بقوة للتدخل هي نيجيريا والسنغال وغانا وبِنين". ويعتقد عبد الوهاب أنّ "الجيش النيجيري سيكون هو الأقوى، على اعتبار أنّه هو من يقود عملية التدخل في حال الإصرار عليها".
ويعتقد الصحفي المصري أنَّ موجة الانقلابات العسكرية قد تطال دول أخرى في غرب إفريقيا. وأضاف: هناك دول بالفعل مرشّحة في الانقلابات، مثل: سيراليون وبِنين وربما في السنغال". مضيفًا: "هذه كلها مؤشرات على تراجع الدور الفرنسي في المنطقة".
وعن أطراف القوى الدولية في النيجر، قال عبد الوهاب: "هناك التواجد الاقتصادي للصين، وهناك التواجد السياسي العسكري لروسيا في عدة دول مجاورة، عبر قوات فاغنر. الوجود الفرنسي يتراجع بشدة في النيجر، وهناك أيضا قوات ألمانية وأمريكية في النيجر".
ولفت الصحفي إلى الدور المهم الذي لعبته القوات الفرنسية والقوات الغربية الأخرى في مكافحة "الإرهاب والمتشددين الإسلاميين في منطقة غرب إفريقيا".
وفي تقرير، قالت صحيفة نيويورك تايمز إنَّه "على النقيض من عمليات الانقلاب الأخيرة في غرب أفريقيا، التي قوبلت إلى حد كبير باللامبالاة، أصبح انقلاب النيجر خطًا أحمر بالنسبة للكثيرين، بما في ذلك الحلفاء الغربيين".
- مركز سوث24 للأخبار والدراسات
قبل 3 أشهر