حفل لمنظمات المجتمع المدني المدعومة من الانتقالي في عدن (إعلام المجلس)
18-04-2023 الساعة 8 مساءً بتوقيت عدن
سوث24 | رعد الريمي
منذ تشكيله في 2017، تبنَّى المجلس الانتقالي الجنوبي – بشكل مباشر وغير مباشر – تأسيس ودعم العشرات من منظمات المجتمع المدني داخل وخارج جنوب اليمن، ضمن أهداف المجلس لتعزيز العمل المدني الجنوبي بعد سنوات طويلة من الركود والضعف والتهميش تتعلق بأسباب سياسية وهيمنة نخب من شمال اليمن.
شكلت المنظمات الحقوقية الجنوبية جزءا مهما من هذه المنظمات، لا سيما تلك العاملة في الخارج. ومع أنَّها تلقت الكثير من الدعم، تمارس هذه المنظمات نشاطا متواضعا مع تأثير ضعيف أو منعدم على منظمات الخط الأول في العالم في [منظمات الأمم المتحدة وغيرها] التي غالبا ما تتأثر تقاريرها أو تقييماتها بشأن اليمن بمنظمات شمالية تتلقى الدعم من الحوثيين أو حزب الإصلاح الإسلامي.
ويعتقد نشطاء ومراقبون تحدثوا لمركز "سوث24" أنَّ المنظمات الجنوبية التي يدعمها الانتقالي تشكل هدرًا للموارد في ظل غياب النتائج، ويزعم آخرون بوجود اشتراطات سياسية تفرضها إدارات داخل المجلس على هذه المنظمات مما يؤثر على عملها وتواصلها مع الجهات الأجنبية والدولية المتخصصة في ذات الاتجاه، وبالأخص الجانب الحقوقي.
المنظمات المدعومة
وفقًا لمصادر خاصة لـ "سوث24"، يتجاوز عدد منظمات المجتمع المدني التي تتلقى دعما كلياً أو جزئياً من المجلس الانتقالي الجنوبي قرابة 150 منظمة ومؤسسة ومبادرة متفاوتة الحجم والنشاط، في العاصمة عدن وعموم مديريات ومحافظات الجنوب بالإضافة للمنظمات العاملة في الخارج.
وطبقًا للمصادر، تقع كل أو معظم هذه المنظمات تحت إطار "المجلس التنسيقي الأعلى لمنظمات المجتمع المدني"، وهي الهيئة المسؤولة داخل المجلس الانتقالي الجنوبي عن هذا الملف. وتشتمل هذه المنظمات على المنظمات الحقوقية الجنوبية.
ورغم صعوبة التحديد الدقيق للمخصصات المالية الشهرية أو الفصلية أو السنوية التي يقدمها المجلس الانتقالي الجنوبي لهذه المنظمات، تؤكد مصادر خاصة لـ "سوث24" أنَّ هذه المنظمات تتلقى دعمًا جيدًا يختلف من منظمة لأخرى باختلاف حجمها، أو وجودها خارج البلاد.
وفي هذا الصدد، قال الباحث محمد قاسم نعمان، رئيس مركز اليمن لدراسات حقوق الإنسان، وهو مركز يقع في عدن: "لا نعلم عدد المنظمات الحقوقية التي يدعمها المجلس الانتقالي الجنوبي لأن منها ما يعمل بالسر. العمل الحقوقي إجمالًا يواجه العديد من الإشكالات والتحديات في بلادنا".
وأضاف لـ "سوث24": "الإشكالية في عمل هذه المنظمات أنَّها تبتعد عن الشراكة مع المنظمات الأهلية المستقلة، كما أنَّ الكثير منها لا تمتلك هيئات قيادية منظمة متكاملة، بل مجرد أشخاص يستفيدون من المساعدات المادية والمعنية"، حدَّ قوله.
وأردف: "عليها العمل مع منظمات المجتمع المدني الأخرى وعدم الاكتفاء بالعمل في إطار نفسها. الكثير منها بات يستخدم لأغراض سياسية مع غياب الآثار المجتمعية المطلوبة".
وتنتقد عضوة المجموعة الاستشارية النسوية لمكتب المبعوث الأممي لليمن، عفراء الحريري، دور ونشاط هذه المنظمات. وقالت لـ "سوث24": "هذه المنظمات لا تمتلك حريتها، فهي تدور في فلك المواضيع، والقضايا، والأنشطة والتحالفات التشبيكات التي يرضى عنها الانتقالي".
وأضافت: "هي تفتقد الحرفية ولا يمكنها أن تعمل وفق أطر مهنية دولية [..]. المجتمع الدولي لا يأخذ بتقاريرها أو توصياتها أو مخرجاتها لأنّ هذه المنظمات لم تتعلم أصول اللعبة الدولية التي تتطلب حنكة تمكنها من إيصال رسالتها وتحقيق أهدافها دون انكشاف ولائها السياسي أو الجهة الداعمة لها".
وتابعت: "لا توجد رؤية واضحة لتلك المنظمات لا على المستوى المحلي أو الإقليمي ولا الدولي، لأنَّ الأمر يتطلب استيعاب لما هو مطروح من مواضيع لكي يتم العمل عليه. على سبيل المثال هناك منظمات في شمال اليمن ومن شمال اليمن [تتحدث] عن قضية الجنوب باحترافية عالية وتجد دعما دوليًا سخيًا".
وأضافت: "هذا الأمر غير موجود لدى المنظمات الجنوبية التي تنتمي للانتقالي أو تتلقى دعمًا منه، حتى التي تدعي الحيادية منها. يتطلب الأمر احترافية وإدراكا وعملًا سياسيًا، وهذا معدوم لدى تلك المنظمات لأنَّ نشاطها يقوم على العاطفة والشعارات والمواضيع المستهلكة" كما تزعم.
وفي حديث لـ "سوث24"، نفت رئيسة المجلس التنسيقي الأعلى لمنظمات المجتمع المدني في المجلس الانتقالي الجنوبي، نجوى فضل، وجود أي اشتراطات سياسية على المنظمات المدنية التي تحظى بدعم من قبلهم.
وقالت: "المجلس التنسيقي الأعلى تم إنشاؤه منذ ما يقارب من عامين حيث تشكل من مجموعة من المؤسسات التنموية والمبادرات الشبابية الحديثة التي يقودها الشباب؛ ولا ننسى جمعيات ذوي الإعاقة التي هي أيضًا من ضمن تشكيلات المجلس التنسيقي للمنظمات".
وأردفت: "بالنسبة للدعم الذي يقدم لأعضاء المجلس التنسيقي فهي ميزانيه تشغيلية بسيطة جدا لتغطية الإيجار وبعض المستلزمات الخاصة. وأما عن المنظمات الحقوقية فليس هناك سوى منظمتين ضمن إطار المجلس التنسيقي للمنظمات. عملنا هو عمل مجتمعي مهني ليس للسياسة فيه علاقة".
تصحيح العمل
ولمواكبة المعايير الدولية لعمل المنظمات المدنية، وضمان تحقيق أقصى قدر من التأثير، يرى حقوقيون أنّ عملية تأهيل كوادر هذه المنظمات وتطوير مهاراتهم، ضروري لإنجاز ذلك.
ويعتقد رئيس إدارة حقوق الإنسان في المجلس الانتقالي الجنوبي بمحافظة الضالع، عبد الفتاح السكري، أنَّ المنظمات المدعومة من قبل المجلس بحاجة إلى مراجعة وتقييم لعملها.
وأضاف لـ "سوث24": "المجلس التنسيقي يقدم الدعم، لكن هذه المنظمات بحاجة إلى تأهيل لكي تعتمد عليها المنظمات الدولية. علينا أن ندرس حالة المنظمات الدولية وخاصة التي صار لها مكاتب في عموم المحافظات وتباشر عملها كمنظمات دولية في جنوب اليمن".
وأردف: "منذ 2014 لاحظنا أن التوجه الدولي وانتباه المنظمات الدولية تحول باستمرار باتجاه عدن بدلاً من صنعاء بعد سيطرة الحوثيين عليها، لكن للأسف لم تستطع المنظمات المدنية الجنوبية لاسيما الحقوقية منها في استثمار هذا الانتباه والاهتمام في بناء نفسها وتعزيز حضورها".
ووفقًا لمصادر خاصة لـ "سوث24"، عمد محافظ عدن أحمد لملس، الذي هو أيضًا الأمين العام للمجلس الانتقالي الجنوبي، إلى دعم منظمات حقوقية بشكل مباشر لتحقيق أثر أكبر بعيداً عن قنوات الدعم المعروفة داخل الانتقالي مثل المجلس التنسيقي للمنظمات.
ولكن الاختلالات في أداء عمل المنظمات الحقوقية الجنوبية ليست هي وحدها فقط الأسباب وراء غياب تأثيرها على الجهات الدولية المختصة، فالتشويش على هذه المنظمات من قبل وزارة حقوق الإنسان واللجنة الوطنية لحقوق الإنسان التي يسيطر عليها شماليون ضمن الأسباب أيضًا كما تؤكد مصادر خاصة.
معضلة أخرى أيضا، حيث تتربع المنظمات اليمنية الشمالية قائمة المنظمات التي تحظى بدعم الجهات الدولية المانحة في الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ووكالات الإغاثة للحكومات الغربية النشطة في اليمن. يؤثر هذا الحضور على طبيعة المعلومات المقدمة المتعلقة بشأن ما يجري في جنوب اليمن، ويضاعف ذلك من التحديات التي تواجه المنظمات المدنية في الجنوب، والهيئات النشطة في هذا القطاع بما في ذلك المجلس الانتقالي الجنوبي.
قبل 3 أشهر