ضيوف الندوة، 7 أبريل 2023 (مركز سوث24)
08-04-2023 الساعة 3 مساءً بتوقيت عدن
سوث24 | القاهرة
شدد خبراء عسكريون وسياسيون من جنوب اليمن على أهمية الحفاظ على القوات المسلّحة الجنوبية كضامن لأي حل مستقبلي لـ "قضية شعب الجنوب" في اليمن، مشددين، بذات الوقت، على ضرورة تعزيز وتوسيع جهود الحوار الوطني الجنوبي لخلق رؤية موحدّة تجاه كل ما يتعلقّ بهذه القضية.
وناقشت ندوة افتراضية، أمس الجمعة، نظمها مركز سوث24 للأخبار والدراسات، "الخيارات الجنوبية المتاحة بين المعمول والمأمول"، في ضوء التطورات الأخيرة والمتسارعة في اليمن على المستويات السياسية والعسكرية بصورة خاصة، وكذلك في ضوء المحادثات الجارية بين المملكة العربية السعودية ومليشيا الحوثيين، والجهود الدولية والإقليمية لتمهيد المشهد لسلام شامل في البلد الذي مزقته الحرب التي دخلت عامها التاسع الشهر الماضي.
وفي الندوة، التي يسّرها، الباحث السياسي والإعلامي أوسان بن سدة، استضاف مركز سوث24 كل من رئيس فريق الحوار الوطني الجنوبي في الخارج، أحمد عمر بن فريد، ورئيسة مبادرة مسار السلام وعضو هيئة التشاور والمصالحة، رشا جرهوم، والباحث والمحلل سياسي أنور التميمي، والخبير العسكري ورئيس اللجنة الأمنية العليا للمجلس الانتقالي الجنوبي، اللواء علي عولقي.
على طاولة صنع القرار
في مستهل النقاش، ذكّر، أحمد عمر بن فريد، بالطبيعة الإقصائية بحق قضية الجنوب، خلال عمليات المفاوضات السابقة التي استضافتها الكويت وجنيف وغيرها من عمر الصراع الأخير في اليمن. وقال: "لم يكن للمفاوض الجنوبي الذي يمثل قضية الجنوب أي حضور أو تواجد"، لكنّ "تطور الوضع بعد ذلك عند تشكيل المجلس الانتقالي الجنوبي إلى مرحلة متقدمة عندما سُمح للمفاوض الجنوبي بالحضور على شكل مراقب يبدي ملاحظات غير ملزمة.".
عقب ذلك، وفقا لبن فريد، "جاء الأمر الواقع الذي فُرض، والإخفاقات العسكرية المتتالية التي كانت تحدث على المحاور القتالية في الشمال"، فقادت هذه لاتفاق الرياض وأصبح للمفاوض الجنوبي حضور مشرعن على طاولة المفاوضات في إطار الشرعية.
لكنّ بن فريد يرى أنّ التقدّم الأكبر لصالح قضية الجنوب، تم بعد المشاورات مارس من العام الماضي في الرياض، عندما أصبح للجنوبيين تواجد في صنع القرار، عقب تشكيل مجلس رئاسي ضمّ في عضويته أربعة جنوبيين. بالإضافة إلى تأكيد مخرجات مشاورات الرياض على وضع "تفاوضي خاص لقضية شعب الجنوب".
ويرى بن فريد أنّ الفضل في التقدم السياسي للمفاوض الجنوبي يعود "إلى وجود قوات عسكرية جنوبية حققت نجاحات كبيرة جداً في مسرح الحرب، وأصبحت بمثابة (قوات) الردع الذي يستخدم في العملية السياسية."
واعتبر السياسي الجنوبي تشكيل المجلس الانتقالي الجنوبي، كإطار سياسي للجنوبيين، يتبنى قضية الجنوب، هو أحد هذه المكاسب.
ازدواجية غربية
رئيسة مبادرة مسار السلام، رشا جرهوم اتفقت مع مأ أورده بن فريدة مشيرة إلى دور المجتمع المدني في مناقشة قضية الجنوب "من 2018 حتى الآن".
تقول جرهوم: "كانت الفكرة هي دعم قضية الجنوب وقضايا النساء، والضغط على تمكين الأصوات غير المتواجدة في عملية السلام من التعبير والمشاركة بشكل فاعل، وحذرنا بأن عدم الاستجابة لمطالب الجنوبيين والتفاعل معها سيؤدي إلى تصاعد وتيرة العنف، وهذا ما رأيناه خلال السنوات الماضية في أوقات متقطعة".
وتعتقد جرهوم بوجود سياسة ممنهجة لخلق الاختلاف بين الجنوبيين. مشيدة بذات الوقت بـ الحوار الوطني الجنوبي الذي يرعاه المجلس الانتقالي، داعية إلى "توسيع الحوار والسماح لانخراط المجتمع المدني فيه بشكل أكبر، ليس فقط بالمشاركة في الحوارات؛ وإنما قيادة الحوارات مع كافة الفئات".
وانتقدت جرهوم الازدواجية التي تتعاطى بها الدول الغربية مع قضية الجنوب، مشيرة إلى أنّ "الدول الإقليمية أكثر دبلوماسية منها بهذا الشأن. "حتى بريطانيا نفسها كدولة وفيها أجزاء مستقلة .. ورغم خروجها من الاتحاد الأوروبي لا تتفاعل مع هذا الطرح".
وانتقدت جرهوم سياسة المبعوثيين الأممين إلى اليمن معتبرتها "سبباً في تصاعد العنف الذي حدث" بسبب إقصاء الجنوبيين. وأشارت إلى أنّ قرار 2216، لم يفرض أبداً أن تكون المفاوضات بين طرفين فقط"، على النقيض "كانت القرارات السابقة لمجلس الأمن تطلب أن يكون الجنوبيين ممثلين" في أي عملية سلام.
عقيدة عسكرية مستقلة
على الصعيد الأمني والعسكري يعتقد اللواء علي العولقي أنّ عملية الهيكلة الحاصلة "تنعكس بشكل إيجابي على المسار الجنوبي". نافيا بذات الوقت أن يكون هناك أي توجه لدمج القوات المسلّحة الجنوبية مع أي قوات أخرى.
"هذا الأمر غير وارد، نحن نريد مساعدة الأشقاء في اليمن على تنظيم قواتهم العسكرية والأمنية بما يحقق مواجهة الحوثي، لكنهم تنازلوا عن هذا الحق ولم يقدموا أي جهد يذكر في هذا الإطار". يقول العولقي.
وعرّج العولقي على الدور الاستراتيجي التي تقوم به قواتهم في مجال مكافحة الإرهاب في اليمن، خصوصا عمليتي سهام الشرق وسهام الجنوب في شبوة. ووفقا للعولقي، أنّ ذلك يتم بدعم من "التحالف العربي والأصدقاء في الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وبريطانيا وروسيا".
وقال العسكري المخضرم أنّ قواتهم تمكنت من "تحرير القواعد الرئيسية للتنظيمات الإرهابية في وادي عومران ووادي الخيالة في مديرية مودية [والمحفد] بمحافظة أبين، وهذه المواقع تحديداً كانت قد سيطرت عليها الجماعات الإرهابية لأكثر من ثلاثة عقود، ولم تستطع الدولة أو قوة عسكرية أن تبسط نفوذها على جزء منها".
ومع ذلك أشار الرجل إلى وجود ضغوط ضد القوات الجنوبية بشأن الرواتب وعملية الدمج، لكنه: "عندما تم تشكيل اللجنة الأمنية العسكرية المشتركة، كنا واضحين أننا لن نكون ضمن القوات اليمنية الأخرى، ولن نندمج فيها كجنوبيين، لدينا عقيدة عسكرية مستقلة، وتحقيق الهدف في مواجهة الحوثيين".
من ناحيته رأى الباحث والمحلل السياسي أنور التميمي أن ما جرى منذ عام 2015، كرّس الفرز على أساس شمال وجنوب. "وهذا الأمر أعطى للحالة في الجنوب بعداً وطنياً، بأن المقاومة متكئة على مشروع وطني وليس مجرد إشكال وحرب وصراع أو حرب أهلية أو مذهبية."
ويتفق التميمي مع بن فريد بأنّ "تشكيل المجلس الانتقالي الجنوبي كان علامة فارقة في الثورة الجنوبية وفي مسيرة الجنوبيين لاستعادة وطنهم". ويعتقد التميمي أنّ تواجد الجنوبيين في هياكل الشرعية اليمنية ذو أهمية، لأنه يحصر الصراع في إطار الشرعية وليس مع أطراف خارجها. "يجب أن تطرح جميع القضايا الخلافية مع أطراف الشرعية في الشمال بقوة، ولا يتم التواري عنها تحت شعارات التوافق، لأن هذا [الطرح] يكّرس الحالتين السياسيتين والمشروعين الوطنيين المختلفين". في إشارة لمشروعي دولتي الجنوب والشمال.
الخيارات الجنوبية أثناء المفاوضات
ومع تواتر الحديث عن تفاهمات بشأن خارطة طريق لحل أزمة اليمن، عقب الاتفاق التاريخي بين الرياض وطهران في بكين في مارس الماضي، يعتقد رئيس فريق الحوار الوطني الجنوبي الخارجي أنّ الاتفاق الأخير بين السعودية وإيران هو اتفاق مرحلي تكتيكي، وليس استراتيجي. لكنه، وفقا لبن فريد، "ضمن أولوياته يأتي حل الأزمة في اليمن".
"إذا وافقت الأطراف الإقليمية سيسهّل ذلك من عملية السلام في اليمن التي ترعاها الأمم المتحدة، وحالياً تجري المفاوضات بوتيرة أسرع من السابق". يضيف بن فريد.
وتعليقا على ما أورده المتحدث باسم المجلس الانتقالي الجنوبي، علي الكثيري، لصحيفة الشرق الأوسط، حول إقرار الرئاسي وضع إطار تفاوضي خاص لقضية شعب الجنوب في كل مراحل العملية السياسية، يؤكد بن فريد أنّ المعني به القيادات الأربعة الجنوبية المتواجدة في مجلس القيادة الرئاسي. ويقول: "إن هذا الملف الذي يخص الجنوبيين ورؤيتهم لكيفية حل هذه القضية هو بيدهم اليوم، ولا شك أنّ العملية معقدة، وحجم الضغوطات الدولية كبيرة جداً، وعلينا أن نثمّن ونساند المفاوض الجنوبي وندفع به".
ويشير بن فريد إلى تحديات قد تواجه المفاوضين الجنوبيين، خصوصا "الحديث عن دولة موحدة وفترة انتقالية وتسليم سلاح ودمج وتوحيد قوات عسكرية". لذلك يقول بن فريد إنه "لا يمكن أبداً للمفاوض الجنوبي أن يسّلم بمصدر القوة التي لديه." ويشدد "القوات المسلحة الجنوبية هي الضامن الرئيسي لقضيتنا".
وعن ضمانات الحل المتوقعة فيما يخص الجنوبيين، يعتقد بن فريد أن هناك ضمانتين رئيسيتين، الأولى، عدم دمج القوات الجنوبية وأن تبقى القوات الجنوبية في مناطقها، والثانية، أن تكون هناك ضمانة من التحالف العربي، بوجود استفتاء لتقرير المصير، كحد أدنى يمكن أن نقبل به". ويضيف "إذا حصل خلاف حول هذا يمكن أن ندخل في متاهة".
وعن ما يطرح من تصورات للحل، حول استفتاء الجنوبيين بخصوص شكل الدولة في ضوء عمليات تغيير ديمرغرافي، تقول رشا جرهوم، "كل شي الآن مركّز في صنعاء، الأوراق الثبوتية والأوراق الشخصية الأخرى"، لذا ترى بأن "أول نقطة يجب أن نعمل بها كجنوبيين، هو تطبيع الخدمات على المستوى المحلي، وتمكين السلطات المحلية تماماً من الاتصالات"، في إشارة، على الأرجح، لتحسين إجراء خطوة الاستفتاء مستقبلا.
اللواء علي العولقي اتهم أطراف داخل الحكومة اليمنية خلف تصعيد الحوثيين على المنشآت النفطية وفي الجبهات داخل الجنوب. وقال العولقي أنّ ذلك تم "بإيعاز من طرف نحن قد تعاونا معه، ودخلنا معه بشراكة في اتفاق الرياض، وكان هدفه لي ذراع الجنوب بضرب الموانئ النفطية، على الرغم من أنّ الجنوبيين لا يستفيدون منها بشكل كامل، لأنّ الموارد النفطية تعود إلى خزانة الحكومة اليمنية، والأخيرة تنفقها على مرتبات ومصروفات لا تلبي الخدمات في الجنوب".
كما أنّ التصعيد "جاء أيضاً نتيجة لتعاون الجماعات الإرهابية مع جماعة الحوثي من خلال أنشطة محددة سواء تبادل رهائن، أو عرض فدية، أو الوساطات التي تتم مع دول أجنبية لإطلاق سراح بعض العناصر من دول الاتحاد الأوروبي خصوصاً من فرنسا وبريطانيا"، وفقا للعولقي.
وزعم العولقي أنّ القوات اليمنية لم يكن لها دور "نهائيا" في مكافحة الإرهاب، وعلى العكس سمحت "للعناصر الإرهابية بأن تتجوّل في محافظات الجوف والبيضاء ومأرب، وباتت ملاذاً آمناَ لها وممولاً لها من الناحية العسكرية".
ويتفق المحلل السياسي أنور التميمي مع الدكتور العولقي، على ضرورة عدم التفريط بالقوة العسكرية الموجودة على الأرض، "باعتبارها الضامن الأساس للمشروع الوطني السياسي الجنوبي، وأي تفريط أو تنازل في بعض المفاهيم والحديث عن جيش موحد وغيره، سيعمل اهتزاز كبيرا جداً لقضية الجنوب والمشروع الوطني الجنوبي."
الخيارات المتاحة بعد المفاوضات
يعتقد بن فريد، أنه لن يتم الإعلان عن خارطة طريق السلام وبدء المفاوضات حولها وبدء مراحلها الثلاث المذكورة، إلا إذا تم قبولها من كل الأطراف الثلاثة (الطرف الجنوبي، الطرف الشمالي في الشرعية، الطرف الحوثي).
وتحدث بن فريد عن وجود ثلاث عقبات رئيسية قد تواجه القيادات الجنوبية الأربعة في مجلس القيادة الرئاسي، المسنود لها وضع إطار قضية الجنوب: الأولى، في إطارهم الداخلي، كمجلس قيادة رئاسي، حول الثوابت الوطنية. والعقبة الثانية، إذا تم الاتفاق على الإطار التفاوضي وشكله، لابد من طرحه على شركائهم من الشماليين في الشرعية، وهذا الشريك لديه رؤية لا تختلف عن رؤية الحوثي. وأخيرا "إذا تم القبول بها من قبل الأطراف الشمالية في الشرعية، ستدخل الأطراف الشرعية في إطار موحد، وتطرحه على الطرف الحوثي ويكون السؤال: هل سيقبل الحوثيون بهذا الإطار؟".
ويعتقد بن فريد أنّ "فرض الوحدة بقوة السلاح، تساوي فرض الوحدة بقوة السياسة"، وأنّ وما أنتجه فرض الوحدة بقوة السلاح من كوارث وعدم استقرار في المنطقة، يمكن أن ينتجه أي شكل آخر من أشكال فرض الوحدة بقوة السياسة. لذا يرى أنه في حال "حدث هذا الأمر ودخلنا في أي عملية وتم التنصل منها، بالتأكيد سيكون لدى الجنوبيين خياراتهم، ولكن حتى نكون أقوياء، يجب أن تكون الوحدة الوطنية الجنوبية في صورتها المثلى."
وحول الحوار الوطني الجنوبي، كشف بن فريد أنّ "أكثر من 80% من الأهداف التي رسمناها لعملية الحوار تحققت وقطف الثمار سوف يكون قريباُ، وسوف يكون هناك كثير من الأطراف الجنوبية، التي كانت الوحدة بالنسبة لها خط أحمر، قريبة منا".
بالمقابل، يشير علي العولقي إلى أنهم يضعون "الخطط الأمنية والعسكرية في المرحلة الراهنة على أساس أنه ستكون هناك مرحلة (انتقامية)، قد يتحد الشماليون فيها ضد الجنوب وهو احتمال وارد بنسبة 80%". كما يقول، "لهذا نحن نعمل على مواجهة هذا الخطر المحتمل بعد المشاورات".
ويستأنف العولقي: "نحن دعاة سلام لا نزاحم أحد على ثروة أو موارد، نريد أن يعيش شعب الجنوب بكرامة كما تعيش شعوبهم بكرامة، ونريد أن نستثمر ثرواتنا لمصلحة شعبنا".
وترى رشا جرهوم أنّ الحل يجب أن يكون بطرق سلمية وديمقراطية، يتم فيها إشراك أكبر قدر من الجنوبيين في وضع إطار الحل. كما رأت أنّ تشكيل الوفد يتم حسب اتفاق الرياض ومشاورات مجلس التعاون الخليجي في الرياض وبحسب المشاورات القادمة. وتقول، "نحن سنقدم الدعم للتفاوض بشكل عام سواء شاركنا أو لم نشارك، لأنّ عملنا يدعم الوساطة وجميع الأصوات الغائبة وتعزيزها".
ويؤكد أنور التميمي، على أهمية "إعادة ترتيب الداخل الجنوبي، وعلى تعزيز الحالة الوطنية الجنوبية، وعلى البحث عن مشتركات، بالإضافة لتقديم الحالة الجنوبية على أنها إسناد للمشروع العروبي، وضمن الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب."
- مركز سوث24 للأخبار والدراسات
قبل 3 أشهر