06-01-2022 الساعة 11 مساءً بتوقيت عدن
سوث24| عبدالله الشادلي
تتصاعد المخاوف لدى الأهالي في محافظة حضرموت، في جنوب اليمن، من أن تقود التجاذبات السياسية ونفوذ بعض القوى في الحكومة، إلى تشتيت مطالب الحراك الشعبي الحضرمي، بعد سلسلة اجتماعات عقدها المحافظ فرج البحسني، مع اللجنة التنفيذية لمخرجات لقاء حضرموت العام (حرو).
وتلا هذه الاجتماعات التي انطلقت في ديسمبر الماضي، إعلان البحسني - الذي يشغل منصب قائد المنطقة العسكرية الثانية - حالة الطوارئ في 4 يناير الجاري.
وجاء إعلان البحسني للحالة الاستثنائية في اللقاء الذي عقده، الثلاثاء، مع اللجنة الأمنية وأعضاء مجلسي النواب والشورى والمكتب التنفيذي، للاستعداد لـ "مواجهة التحديات الحوثية". وزعم البحسني في خطابه أمام المكتب التنفيذي أنّ محافظة مأرب، شمال اليمن، المجاورة لحضرموت "معرضّة للسقوط في أيّ لحظة." [1]
واعتبر البحسني أنّ الوقت "غير مناسب" للاعتصامات والمطالبة بالحقوق "في ظل هذه التحديات"، وأنّه "بعد الانتصار في المعركة" يستطيع أبناء حضرموت فرض مطالبهم. [2]
وجاء إعلان محافظ حضرموت لحالة الطوارئ بعد اتصالات هاتفية أجراها الرئيس اليمني، عبدربّه منصور هادي، ونائبه علي محسن صالح الأحمر.
وفي تصريح متلفز، الأربعاء، قال البحسني إنّ "الوضع الراهن يتطلب وحدة الصف والتطوّع لمواجهة الحوثيين"، مشيراً إلى أن أطماع الجماعة "تتجه نحو حضرموت"، ولافتاً إلى أنّ الحوثيين "سيطروا على أجزاء من شبوة، وحضرموت ليست بمعزل عن خطر هذه الميليشيات". [3]
وحذّر البحسني من تكرار نفس السيناريو في حضرموت، مؤكداً أن نهاية الحوثي "ستكون في حضرموت". ووجه بنزول لجنة أمنية إلى وادي حضرموت، لتجهيز وإعداد قوة احتياط عام بالمديريات، لمساندة النخبة في الدفاع عن حضرموت.
تأثُر المطالب
استبعد القاضي شاكر محفوظ تأثر مطالب أبناء حضرموت، بقرار حالة الطوارئ، وقال لـ«سوث24» "لا يمكن أن يؤثر ذلك على مطالب الهبة الحضرمية الثانية".
وانتقد محفوظ - ضمنيّاً - توّجه أبناء حضرموت نحو الساحل. وأضاف، "يجب أن يعلم أبناء حضرموت أن القِبلة هي الوادي". معتبراً أنَّ مناطق وادي المحافظة "هي المكان الأنسب لانتزاع الحقوق وفرض القوّة بعيداً عن التجاذبات السياسية وخلط الأوراق في مناطق الساحل الذي يشهد استقراراً أمنيّاً وتحاول السلطات المحليّة إبعاد التجمّعات فيه".
ودعا محفوظ أبناء حضرموت إلى استمرار التصعيد والعودة إلى النقاط الشعبيّة. وقال "لا مبرّر بتشكيل أي ضغط سياسي في حال عاد التصعيد إلى مناطق الوادي كما بدأ".
وشكّل توافد أبناء حضرموت للنقاط الشعبية التي دعت إليها اللجنة التنفيذية للقاء حضرموت العام (حرو)، ورقة ضغط على الحكومة اليمنيّة التي خسرت عامل الوقت وعائدات التّصدير من المحافظة الغنيّة بالنفط خلال فترة التصعيد.
واستحدث أبناء حضرموت عشرات النقاط الشعبيّة في مداخل ومخارج حضرموت في مناطق الوادي والساحل؛ لمنع خروج الصهاريج النفطية وشاحنات تصدير الأسماك، قبل ما يقرب من شهر.
وفي 30 ديسمبر/كانون الأول المنصرم، تجمع عدد كبير من الحضارم في منطقة العيون بالساحل، هددوا حينها بالتقدمّ نحو ميناء الضبّة على ساحل بحر العرب، في محاولة لإيقاف تصدير النفط الخام، الذي يتم شحنه من ميناء الشحر.
وعلى ضوء ذلك، توعّد الشيخ القبلي صالح بن حريز بعدم السماح للباخرة بالتحرك إلا بعد تنفيذ الـ 25 مطلباً التي اتفقت عليها لجنة تنفيذ لقاء حضرموت العام والسلطة المحلية بقيادة البحسني. [4]
توقّف الزحف
توقف الزحف الشعبي الذي لقي تأييدا شعبياً واسعاً من داخل وخارج حضرموت، بعد توجيه المحافظ البحسني دعوة للجنة التصعيد لمقابلته للتفاوض حول المطالب وتسليمها للرئيس اليمني هادي عبر وفد يتم تشكيله.
لقد أعلن البحسني تضامنه ووقوفه إلى جانب الهبّة الحضرمية، وزعم أنَّ "الباخرة النفطية تستغرق أسابيع للوصول إلى المكلا" منذ لحظة لقائه لجنة التصعيد الشعبي، وأنَّ الوضع "لا يتطلّب المرابطة في ميناء الضبّة في انتظار قدوم الباخرة". [5]
وعطفاً على ما قاله البحسني، قال رئيس اللجنة التنفيذية لمخرجات لقاء حضرموت العام (حرو) الشيخ حسن بن سعيد الجابري في لقاء مع تلفزيون "الغد المشرق" إنّه "من غير المعقول انتظار قدوم الباخرة لفترة طويلة"، زاعماً أنَّ المرابطين سيضجرون وقد تنتهي مطالبهم بعد ذلك.
وانتقد البحسني خلال لقائه باللجنة مظاهر حمل السلاح لدى المرابطين في المواقع النفطيّة. وقال إنّ "جهات عربيّة ودولية أجرت اتصالات هاتفية معه لتقديم المساندة". [6] فيما رأى البعض ذلك "محاولة" للقضاء على الإنجاز الذي حقّقته الهبّة الحضرمية.
هل يوجد تباين؟
تغيّر مسار الهبّة الحضرميّة بعد قبول اللجنة المسؤولة عنها دعوة المحافظ البحسني. وتعرضت اللجنة للانتقادات.
وحول هذا، لفت المحلل السياسي، سعيد بكران، في حديثه لـ "سوث24" إلى أنّ "الهبّة كانت فعلاً شعبياً داعماً لجهود المجلس الانتقالي السياسية في الرياض لإعادة ترتيب أوضاع حضرموت".
وزعم بكران أنّ هناك "تحولات" في خطاب بعض قادة الهبّة تتحدث عن حالة جديدة تشبه السعي لخلق ما وصفه بـ "مكوّن جديد".
ورأى بكران أنّ الامور إذا لم يتم تصحيحها فإن ما حققته الهبة من ضغوط سيذهب فيما أسماه بـ "دهاليز الاستخدام السياسي" من قبل القوى التي ترى أن مسؤوليتها هي "إضعاف" المجلس الانتقالي.
لكن الشيخ القبلي وعضو لجنة التصعيد الشعبي، صالح بن حريز، ظهر في مقطع مصوّر ونفى وجود أي خلافات أو انقسامات في صفوف اللجنة. وقال "نحن على كلمة واحدة ومصالح حضرموت هي مطلبنا جميعا"، مشيرًا إلى أنّ الحضارم مهما اختلفوا فإنّ ذلك "لا يمكن له أن يغير مطالبهم". [7]
مخاوف
تثير المنطقة العسكرية الأولى بوادي حضرموت [التي ينتمي معظم جنودها لشمال اليمن] مخاوف الأهالي، لاسيّما أنّهم يتّهمونها بالخضوع لسلطات حزب الإصلاح الإسلامي.
واتهمت مصادر سياسيّة بالمجلس الانتقالي الجنوبي نائب الرئيس اليمني، علي محسن الأحمر، بعرقلة تنفيذ مخرجات اتفاق الرياض عبر رفض نقل القوات الشمالية من وادي حضرموت.
وزعم عضو الجمعية الوطنية بالانتقالي، وضاح بن عطية، أنَّ تلك القوات الشمالية "يتكوّن 85 في المئة من منتسبيها من الحوثيين؛ ولا ينقصها سوى إعلان ذلك". [8]
وقالت مصادر سياسية لـ "سوث24"، أنّ إعلان حالة الطوارئ في حضرموت قد يكون إمّا ناجما عن "تفاهمات غير مُعلنة بين البحسني والرئيس اليمني، تقضي بالرّضوخ لمطالب الهبة الشعبية، ومن ضمنها نقل ألوية المنطقة العسكرية الأولى أو أجزاء منها، من وادي حضرموت إلى جبهات القتال في مأرب بموجب اتفاق الرياض، وإحلال المنطقة العسكرية الثانية والنخبة الحضرمية هناك. أو أنها ناجمة عن تفاهمات مع نائب الرئيس اليمني، الذي تسيطر قواته على وادي حضرموت "لفرض حالة الطوارئ بعد فشل الحكومة اليمنية في احتواء التصعيد الشعبي بالمحافظة، الذي حرّك المياه الراكدة وهدَّد مراكز وقوى النفوذ".
وأبدت المصادر "قلقها من أن تدفع أطراف نافذة في الرئاسة اليمنية بعض الأطراف المحلية لحرف مسار الهبة عن أهدافها الحقيقية."
وفي خطوة تكشف عن استمرار التصعيد الشعبي، على الرغم من إعلان حالة الطوارئ، دعا رئيس لجنة تنفيذ مخرجات لقاء حضرموت العام، حسن الجابري، لانطلاق المرحلة الثانية من الهبة الحضرمية يوم السبت القادم، وفقا لخطاب بثه تلفزيون الغد المشرق مساء الخميس. [9]
ومنذ تحريره من تنظيم القاعدة في إبريل/نيسان 2016، يشهد ساحل حضرموت الذي تنتشر فيه المنطقة العسكرية الثانية استقراراً أمنياً كبيراُ، يُعزى إلى أنَّ السواد الأعظم من جنود هذه المنطقة ينتمون لمحافظات جنوب اليمن.
وارتفعت مطالبات أبناء حضرموت لإخراج القوات الشمالية المنتشرة في مناطق الوادي، بعد ارتفاع نسبة الاغتيالات وتفشيّها في مناطقه، في ظلّ صمت مريب من قبل المنطقة العسكرية الأولى المُسيطرة عليه.
وتعاني حضرموت سيطرة قوى نفوذ عتيقة على مواردها النفطية. ويتقاسم حقول النفط فيها مسؤولون وعوائل نافذة منذ فترة نظام الرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح.
صحفي ومحرر لدى مركز سوث24 للأخبار والدراسات
- المحافظ فرج البحسني يعلن حالة الطوارئ على قناة "حضرموت" (رسمي)
قبل 3 أشهر