09-07-2021 الساعة 9 صباحاً بتوقيت عدن
سوث24| عدن
أثار تصريح نشره الحساب الرسمي للسفارة الأمريكية في اليمن على منصة تويتر، بشأن جنوب اليمن، ردود فعل واسعة في صفوف سياسيين بارزين ونشطاء والآلاف من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي الجنوبيين.
التصريح الذي صدر عن القائمة بأعمال السفير الأميركي إلى اليمن، كاثي ويستلي، عقب ساعات من تظاهرة جماهيرية كبرى في مدينة سيئون بمحافظة حضرموت الغنية بالنفط، الخميس، دعا إلى إيقاف "الخطاب التصعيدي والإجراءات في محافظات اليمن الجنوبية، والعودة إلى حوار تنفيذ اتفاق الرياض".
وهدّد التصريح بـ "رد دولي يخاطر أولئك الذين يقوّضون أمن اليمن واستقراره ووحدته بالتعرض له"؛ الأمر الذي أثار حفيظة الجنوبيين الساعين إلى "استقلال وعودة دولة اليمن الجنوبي".
اعتبر نشطاء جنوبيون أنّ التصريح الأميركي يتناقض مع القيم الديمقراطية التي تتفاخر بها واشنطن، خصوصا وأنّهم يرون أنّ الوحدة اليمنية انتهت بعد اجتياح بلادهم عام 1994، من قبل القوات الشمالية.
وانتقد آخرون تجاهل الولايات المتحدة للقمع العنيف ضد المتظاهرين السلميين والمدنيين في مناطق الجنوب التي تسيطر عليها القوات الحكومية الموالية للإسلاميين، مشيرين إلى أنّ هذه التصريحات قد تشجّع على ممارسة مزيد من أعمال القمع وانتهاكات حقوق الإنسان.
واعتبر نائب رئيس الانتقالي الجنوبي، هاني بن بريك، أنَّه "مضحك أن يأتي من يحدد لك مصالح بلدك ويقول لك لا تطالب بالاستقلال، ويصف إرادة الشعب بالتصعيد".
ولفت رئيس خارجية الانتقالي، محمد الغيثي، إلى أنّ "استمرار غياب الاستراتيجية وتجاهل مُسبببات الصراع الحقيقية وإضعاف القرارات الدولية من خلال إفشال نفاذها، أوصل الأوضاع إلى ما هي عليه".
وحذّر الغيثي من أنَّ "استمرار هذا التخبط سيسهم في إشغال جميع الفاعلين عن ملف عودة نشاط الإرهاب، وليس إنتاج واقع خطير في الشمال فقط".
أما ممثلة الانتقالي في الولايات المتحدة، سمر أحمد، فعبرت عن حزنها "أن تكون أميركا منارة للحقوق والحريات، لكنها تغض الطرف عن جرائم الحكومة اليمنية بحق أبناء الجنوب".
وأكّد عضو هيئة رئاسة الانتقالي، سالم ثابت العولقي، أنَّ المجلس "موجود على الأرض ويحظى بدعم شعبي منقطع النظير"، مُعتبراً ردود الأفعال، إقليمية كانت أم دولية "مسألة طبيعية".
وطالب نائب "فريق الحوار الجنوبي الخارجي" التابع للانتقالي، أحمد عمر بن فريد "كاثي ويستلي" بالاعتذار على خلفية التصريح. وسأل بن فريد ويستلي "هل يمكنك التصريح علناً أنَّك ضد حق الناس بالتجمع وتقرير المصير، أليست هذه قيم دولتك؟"
نشطاء وصحفيون جنوبيون أيضاً انتقدوا التصريح الأميركي، وقال إياد الشعيبي إنَّ "بعض السفراء في اليمن يتجاوزون العُرف الدبلوماسي نتيجة لغياب دولة تذكرّهم بالبروتوكلات".
وأشار صالح أبو عوذل إلى أنَّه "لا موقف من واشنطن وسفارتها باليمن حيال عودة تنظيم القاعدة إلى مدن شبوة ووادي حضرموت"، مُتسائلاً "لماذا الهجمات الإرهابية والاغتيالات في الجنوب ليست تصعيداً؟".
ورأى سياسيون التصريح الأميركي بمثابة "مجاملة" للسعودية التي أصدرت بياناً قبل أيام يتهم المجلس الانتقالي الجنوبي بممارسة التصعيد.
وقال ياسر اليافعي أنَّ "التحركات السعودية الأميريكية الأخيرة هدفها إجبار الانتقالي الجنوبي على الخضوع لهم".
فيما اتجه الكاتب والصحافي السعودي، عبد الله بن موسى الطاير، إلى وضع التصريح الأميركي في خانة "نتائج زيارة نائب وزير الدفاع السعودي، خالد بن سلمان، إلى واشنطن". ووصف الطاير التصريح بأنَّه "أقوى رسالة أميركية موجهة للانفصاليين".
من زاوية أخرى، أوضح محللون جنوبيون أنَّ التصريح الأميركي "لا يعني بالضرورة أنَّه موجه للمجلس الانتقالي الجنوبي وشعب الجنوب".
ولفت هؤلاء إلى "دعوة التصريح لتنفيذ اتفاق الرياض، وهو ما يتوافق مع دعوات متكررة للانتقالي الذي يتهم الطرف الآخر (الحكومة اليمنية) بالعرقلة وممارسة التصعيد".
وأكَّد المحللون أنَّ التصريح "طالب بوقف التصعيد في جنوب اليمن، وهو ما تقوم به الحكومة اليمنية في محافظات شبوة وحضرموت وأبين الجنوبية، وليس الانتقالي".
وقال صلاح السقلدي إنَّ "إعلام الحكومة اليمنية دأب على عسف الحقائق فيما يخص التصريح الأميركي"، مُتسائلاً في منشور له على في فيسبوك "إذا كان المقصود بمن يُهدّد الوحدة اليمنية في المحافظات الجنوبية هو الانتقالي، فمن المقصود من طرفي اتفاق الرياض بأنَّه يقوض أمن واستقرار اليمن؟".
ورأى نشطاء من شمال اليمن أنّ التصريح يحمل رسالة تهديد لحزب الإصلاح الإسلامي، بعد تصعيد قواته الأخير في جنوب اليمن. وفقا لحلقة نقاش أدارها منير الماوري في غرفته على موقع كلوبهاوس.
أما عضو وفد الانتقالي المفاوض، يحيى غالب الشعيبي، فقد دعا لعدم "استفزاز التحرك الشعبي السلمي الجنوبي"، وأكّد أنَّه "ليس الأول ولا الأخير ولا يستهدف قوى بعينها".
جاءت تصريحات المسؤولة الأمريكية عقب ساعات من انتكاسة تعرضت لها قوات موالية للحكومة في محافظة البيضاء، بعد أن سيطر الحوثيون مرة أخرى على المناطق التي كانوا خسروها خلال الأيام الماضية، خصوصا منطقة الزاهر. ولم تستبعد مصادر مطلعة تحدثت لـ "سوث24" أنّ الولايات المتحدة قد منحت السعوديين ضوءا أخضر لدعم تصعيد عمليات عسكرية جديدة في البيضاء، بهدف الضغط على الحوثيين لقبول المساعي الأمريكية لوقف إطلاق النار، التي انصدمت بـ "تعنت" الحوثيين.
وقبل أيام كانت وزارة الخارجية السعودية قد اتهمت المجلس الانتقالي الجنوبي بالتصعيد السياسي والإعلامي، في بيان عده مراقبون موقفا منحازا لصالح طرف من أطراف اتفاق الرياض.
ودعت المملكة طرفي اتفاق الرياض "للاستجابة العاجلة لما تم التوافق عليه، ونبذ الخلافات والعمل بالآلية المتوافق عليها، وتغليب المصلحة العامة لاستكمال تنفيذ بقية بنود الاتفاق".
لم يعلّق المجلس الانتقالي الجنوبي على البيان، فيما يبدو، حرصا على تقديره للجهود السعودية. وأكدّ المجلس مجددا على تمسكه بتنفيذ الاتفاق، وتطبيقه دون انتقاء. وجدد رئيس المجلس، عيدروس الزبيدي، خلال كلمة له بمناسبة ذكرى "يوم الأرض"، على "واحدية المصير المشترك مع السعودية والإمارات والخليج عموما".
يشكّل غياب أي رؤية دولية لحل قضية جنوب اليمن، عائقا استراتيجيا أمام جهود السلام، ولا يوفر الثقة المطلوبة للجنوبيين بالأطراف الدولية، التي يقتصر موقفها على الوعود بمناقشة مسألة استفتاء الجنوبيين خلال العملية السياسية المفترضة، وفقا لدبلوماسيين.
- مركز سوث24 للأخبار والدراسات
- الصورة: كاثي وسيتلي (رسمي)