02-06-2021 الساعة 12 مساءً بتوقيت عدن
سوث24| قسم التقارير
يؤدّي ما يقرب من 927 معيناً أكاديمياً واجبهم التعليمي في جامعة عدن العريقة بدون تعزيز مالي منذ أكثر من 10 سنوات، وأبعد من ذلك بكثير بالنسبة للعديد منهم، رغم أحقيتهم الكاملة بمستحقاتهم المالية والدرجات العلمية، وبينهم "المُعيدين" في الجامعة الذين يمثّلون أوائل الدُفع الخريّجة.
ورغم الوعود المُتكررة التي تقطعها الحكومات اليمنية المُتعاقبة ورئاسات جامعة عدن لهذه الفئة، لم يتّم أنصافهم وتصحيح أوضاعهم حتّى الآن. وتشكّل فئة المعينين أكاديمياً بدون تعزيز مالي ما تصل نسبته إلى 90% من الهيئات التدريسية في الكليات الريفية والحديثة في جامعة عدن، و50% في بقية الكليات، وفقاً للدكتور علي القحطاني, رئيس اللجنة التنسيقية العليا للمعينين أكاديمياً دون تعزيز مالي بالجامعة.
كفاحٌ مستمر
وفي حديث خاص لـ"سوث24"، قال رئيس اللجنة التنسيقية العليا للمعينين أكاديمياً بجامعة عدن، علي القحطاني، إنَّ المعينين "بدأوا متابعتهم لقضيتهم بشكل منظم وجماعي عام 2014، وكان هنالك تحركات فردية في 2012 في عهد رئيس جامعة عدن السابق عبد العزيز بن حبتور".
وأشار القحطاني إلى تأثير الصراعات السياسية على حل قضيتهم، رغم صدور توجيهات من جهات حكومية مختلفة من نائب الرئيس السابق علي عبد الله صالح آنذاك، عبد ربه منصور هادي (يرأس اليمن حالياً)، ورئيسي الوزراء السابقين محمد باسندوه وعلي مجوّر، ووزير التعليم العالي السابق، يحيى الشعيبي، وغيرهم. وكان عدد المنتدبين لدى جامعة عدن "بدون فتاوى نقل" آنذاك فقط 80 شخصاً.
وينقسم المعينون أكاديمياً بدون تعزيز مالي بجامعة عدن على أربع فئات:
1- الذين لديهم فتاوى بالنقل من وزارة الخدمة المدنية إلى جامعة عدن
2- الذين لديهم وظائف إدارية داخل الجامعة ويسعون لنقل وضعهم إلى أكاديميين.
3- الذين لديهم وظائف في مرافق أخرى وهم بدون فتاوى نقل.
4- الذين بدون وظائف وبحاجة لدرجات وظيفية جديدة.
وتتوزع هذه الفئة على 24 كلية مختلفة في جامعة عدن، في أربع محافظات (عدن- لحج – الضالع- شبوة)، وتتجاوز فترة انتداب البعض منهم 15 عاماً بدون أي مقابل على أمل تعزيزهم مالياً.
وعملت هذه الفئة على تنظيم عملها للمطالبة بالتعزيز المالي والاستحقاقات عبر تشكيل لجانٍ في كليات جامعة عدن، ولجنة تنسيقية عليا. ونظمّت اللجنة العليا وقفات احتجاجية في ساحات جامعة عدن وبعض الكليات في السابق، وكانت وقفة احتجاج قصر معاشيق الحكومي هي الأكبر والتي هدّدت اللجنة بعدها بـ"إضراب شامل"، مطلع العام الماضي.
"أعمل كمحاضر بجامعة عدن منذ 2008، أي منذ أكثر من 13 عاماً"، تقول الدكتورة انتصار البندق، أحد المعينين أكاديمياً دون تعزيز مالي في الجامعة في حديثها لـ"سوث24"، وتضيف: "حصلت على البكالوريوس عام 2000 بتقدير ممتاز مع شهادة التفوّق العلمي كوني من أوائل الطلاب، وبنفس العام قدّمت طلب إعادة بقسم اللغة الإنجليزية لكنّه ظلَّ حبراً على ورق، فقررت الدراسة على نفقتي الخاصة فحصلت على الماجستير ثم الدكتوراه من قسم اللغة الإنجليزية جامعة عدن".
وأوضحت البندق وضعها حالياً بدون تعزيز أكاديمي :" حالياً أعمل كمحاضر ببرنامج الدراسات العليا وكذلك البكالوريوس ورئيسة لجنة التطوير الأكاديمي بكلية اللغات والترجمة، ومحكّمة لعدد من استبانات الدراسات المسحية لطلاب الدراسات العليا وعضو لجنة تحكيم لمناقشة الرسائل دون أي مستحقات مالية منذ قرار إصدار التعيين عام 2017".
ولفتت البندق إلى إنَّ وضعها قبل إصدار قرار التعيين في 2017، كان أفضل من غيرها من المنتدبين لدى جامعة عدن، حيث كان "يُصرف شهرياً مبلغ مالي بعدد ساعات العمل، لكن بعد إصدار التعيين الذي تنّص فقرة فيه على عدم المطالبة بأي مستحقات مالية حتى تتحسن أوضاع البلاد، توقف هذا المخصص".
أما الدكتور فهمي الهبوب، نائب رئيس اللجنة التنسيقية للمعينين أكاديمياً، والمنتدب في كلية التربية بمنطقة طور الباحة بمحافظة لحج، "منذ 2010" بدون أي مستحقات مالية، فيعبّر لـ"سوث24" عن معاناته :" تأهلت على نفقتي الشخصية، ونؤدي رسالتنا دون أي مقابل على أمل حل قضيتنا، ونتعرّض للضغوط من قبل المرافق التي نعمل بها وكل ذلك على حساب أسرنا".
ولفت الدكتور القحطاني لـ"سوث24"، إلى بعض النجاحات التي حقّقها المعينون أكاديمياً في كفاحهم المستمر، ومنها "قرار اعتمادهم رسمياً" في عهد الدكتور حسين باسلامة، القائم بأعمال رئيس جامعة عدن آنذاك، وزير التعليم العالي بحكومة المناصفة حالياً. وأيضاً قرار تعيين المنتدبين ومعاملتهم مثل الهيئة التدريسية الرسمية بحيث يمكنهم متابعة الدراسات العليا مجاناً ومنح الألقاب العلمية وفق المؤهلات، وهو القرار الذي أصدره رئيس جامعة عدن الحالي، الدكتور الخضر ناصر لصور.
ولكنَّ الإنصاف الحقيقي والكامل لم يتحقّق بعد، ويعاني المعينون أكاديمياً دون تعزيز مالي من وضع سيئ، حيث يؤدّون رسالتهم التعليمية دون أي مقابل، فيما يحصل القليل منهم على نسب بسيطة وزهيدة من بعض كليات جامعة عدن الإيرادية. ويُلقي الوضع الاقتصادي المتدهور بشدّة حالياً بظلاله على هذه الفئة التي تقوم عليها العملية التعليمية في أكبر جامعات جنوب اليمن وأقدمها.
"المعني بشكل مباشر في حل قضيتنا هم الحكومة ووزارة الخدمة المدنية ووزارة المالية وجامعة عدن، الجميع مسؤول". - الدكتور علي القحطاني
بالنسبة للدكتور عوض الشعبي، أحد المعينين أكاديمياً والذي يدرّس في كلية التربية – يافع بمحافظة لحج، "يعاني الأكاديميون من إهمال". ويضيف لـ "سوث24"،: "أصبح وضعنا بائساً جداً بسبب الإهمال الذي نتعرّض له من قبل رئيس الجامعة وأصحاب القرار في حل قضيتنا، ويمر كل المعينون بظروف صعبة جداً بل إنَّ البعض منهم يصرف من قوته وقوت أولاده كي يذهب إلى كليته لتأدية واجبه، وقد يستدين أحياناً".
"أدرّس في كلية التربية يافع منذ أكثر من 12 سنة وأقوم بواجبي في خدمة العملية التعليمية بهذه الكلية بكل أمانة وإخلاص دون مستحقات مالية منذ أول يوم وحتّى الآن"، يؤكّد الشعبي.
وعود بدون تنفيذ
"أقمنا وقفة احتجاجية كبرى في ساحة بوابة قصر معاشيق، وتم السماح لنا بلقاء رئيس الوزراء معين عبد الملك الذي وعدنا بالتواصل مع وزيري المالية والخدمة المدنية وحل قضيتنا خلال شهر"، أشار الدكتور القحطاني في حديثه لـ"سوث24"، وأضاف: "مر الشهر بدون أن يحدث شيء، وبعد اعلاننا بوسائل الإعلام عن عزمنا على الإضراب الشامل اتصل بنا معين عبد الملك مجدداً، وقال إنَّ لا داعي لكل هذا التصعيد فقضيتنا ستُحل خلال أسبوعين".
وقفة احتجاجية للمعينين أكاديمياً بدون تعزيز مالي بجامعة عدن أمام القصر الحكومي بمعاشيق، فبراير 2020 (صحيفة الأمناء)
وأوضح القحطاني :"مرّ الأسبوعان كما مرّ الشهر قبلهما، وعندما أدركنا أنَّ هذه وعود تخديرية، قررنا إقامة وقفة أخرى أمام بوابة القصر الحكومي بمعاشيق مرة أخرى". وأضاف: "لكنَّ معين عبد الملك كان قد غادر إلى الرياض، كان يتلاعب بالوقت يغادر عدن، أشك أنَّ هناك تهميش متعمد لجامعة عدن من قبل الحكومة".
واستغرب القحطاني من "الانتقائية" التي تعاملت بها رئاسة الوزراء في قضايا الجامعات، حيث قابل معين عبد الملك مجلس جامعة تعز عندما كان في معاشيق "أكثر من ثلاث مرات"، وقام بحل كثير من قضايا الجامعة المالية، في الوقت نفسه الذي كانت جامعة عدن تطالب فيه بحل "أبسط قضاياها ومشاكلها".
"التقى معين عبد الملك- مرات عديدة- بمجلس جامعة تعز في قصر معاشيق الذي يبعد كيلومترات قليلة عن مبنى جامعة عدن، وحلّ قضاياهم المالية فيما لم يلتفت لنا" - الدكتور علي القحطاني
وحول سؤاله عن أي تقدم في قضيتهم بعد إعلان حكومة المُناصفة الجديدة، أكّد القحطاني أنَّ "لا شيء تغيّر، ولكنَّ هناك وعود من وزير الخدمة المدنية والتأمينات، الدكتور عبد الناصر الوالي، ونعلّق آمال كبير عليه بصفته عضو هيئة تدريس في جامعة عدن".
"لدينا اليوم حكومة مناصفة شرعية لكن للأسف لم تُبذل أي حلول بشأن التعزيز المالي رغم ما نبذله من عطاء لأرضنا وأبناء بلدنا"، أكّدت انتصار البندق. ووفقاً لها، "هناك أعضاء في الهيئة التدريسية بجامعة عدن "يعملون في جامعات خارج البلاد ولا زالوا محسوبين على الجامعة ويستلمون مرتباتهم بالدولار الأمريكي والريال السعودي ونحن هنا بالميدان نعمل بعطاء لا حدود له من دون مقابل".
دور الجامعة
يؤكّد الدكتور القحطاني لـ "سوث24"، أنَّ جامعة عدن "خاطبت وزارة الخدمة المدنية من سابق، ولكن هنالك تجاهل وتُرمى المعاملات في سلة المهملات دون اهتمام".
وحول دور جامعة عدن، أشار نائب رئيس جامعة عدن للشؤون الأكاديمية، الدكتور عادل عبد المجيد العبّادي في حديثه مع "سوث24"، إلى أنَّ جامعة عدن "كانت جادة في تعيين الزملاء والمنتدبين، وأصدرت لهم تعيين أكاديمي وإداري وأعطتهم كامل الحقوق التي يتمتع بها عضو هيئة التدريس من الألقاب العلمية إلى صرف أراضٍ لهم ضمن الجمعية السكنية، وتعيينهم رؤساء أقسام، ولم تدخّر الجامعة أي جهد يمكن لها تقديمه".
ووفقاً للعبادي، "خاطبت الجامعة رئيس الوزراء والوزراء ذات العلاقة بأهمية حل قضية المعينين أكاديمياً وإدارياً، ونفذّت- تقريباً- كل الأمور من جانبها ويتبقى دور الحكومة".
وأكدّ العبادي أنَّ جامعة عدن برئيسها ونوّابها وعمداء الكليات "يعملون على قدم وساق في سبيل إحقاق الحق للمعينين أكاديمياً وإدارياً لأنّهم يستحقون ذلك". ولفت إلى أنَّهم في الجامعة "يقدرون الظروف التي تمر بها البلاد من عجز اقتصادي ومالي، ولهذا طالبوا بإمكانية جدولة الحلول إذا لم يتوفر الحل الشامل والكامل".
رسالة للمعنيين
ووجّه القحطاني عبر "سوث24" رسالة لكلٍ من: رئاسة الوزراء، وزير الخدمة المدنية، وزير المالية ورئاسة جامعة عدن، ناشدهم فيها بـ"الإسراع بوضع حلول عاجلة لقضية المعينين أكاديمياً".
وأوضح القحطاني أنَّ جامعة عدن "تتعرض للتهميش" حيث توقف التوظيف فيها منذ عام 2011. وأشار إلى أنّه كان من المُفترض أن يكون هنالك على الأقل " 550 درجة وظيفية للجامعة لو كانت اُعطيت سنوياً 50 درجة فقط منذ ذلك العام"، لافتاً إلى هنالك ما يقارب "300 منقطع أكاديمي و400 متقاعد و200 متوفي في جامعة عدن".
وناشد عوض الشعبي المعنيين بقضيتهم، أن "يضعوا الآلية المناسبة لحل قضيتهم حل عادلا، انطلاقاً من قول الرسول محمد: "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته"، وشدّد على ضرورة الإسراع في ذلك "كون الحمل المُلقى على عاتق المعينين أكاديمياً ثقيل جداً بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعصف بالبلد"، حدَّ تعبيره.
وخاطبت انتصار البندق رئاسة جامعة عدن بـ"استكمال اجراءات التعزيز المالي ورفع الكشوفات للخدمة المدنية ثم لوزارة المالية دون أي مماطلة أو تسويف"، وطالبت حكومة المناصفة بالنظر لجامعة عدن "بعين الاهتمام أسوة بالجامعات اليمنية الأخرى ومتابعة قضاياها ومشكلاتها المالية ومنها قضية المُعينين أكاديمياً دون تعزيز مالي، ورفع الظلم عن هذه الفئة التي تمثّل صفوة المجتمع المهضومة حقوقها".
التصعيد والإضراب
وأكّد رئيس لجنة المعينين أكاديمياً بجامعة عدن دون تعزيز مالي، الدكتور علي القحطاني، لـ"سوث24"، أنَّ هنالك "خطوات تصعيدية إذا ما استمر التجاهل لقضيتهم". وأشار القحطاني إلى أنَّ هذه الخطوات التصعيدية سوف يُعلن عنها "في وقتها".
وحول التصعيد والإضراب، قال الدكتور عادل عبد المجيد العبادي، نائب رئيس جامعة عدن للشؤون الأكاديمية، إنَّ رئاسة الجامعة "لا تؤيد فكرة الإضراب لأنّها تضر بمصالح الطلاب، فضلاً على أنَّ الإضراب بالكليات لن يأتي بحلول كون جامعة عدن فعلت كل ما بوسعها".
وأشار الدكتور العبّادي إلى أنَّ الكرة الآن "في ملعب الحكومة والوزارات ذات العلاقة بالتوظيف"، مشيراً إلى أن جامعة عدن حُرمت من الوظائف قبل أكثر من 8 سنوات، فيما تتوسع الجامعة ويتم إنشاء أقسام وكليات جديدة فيها، وهي بالتالي بحاجة لوظائف جديدة وسد حاجتها من الكادر التدريسي، حيث فقدت عدد كبير من منتسبيها "بسبب الوفاة والتقاعد والعجز الصحي".
وكنا في "سوث24" قد تواصلنا مع مكتب رئيس وزراء حكومة المُناصفة، الدكتور معين عبد الملك، للتعليق على القضية، لكن لم نتلق رداً.
يعقوب السفياني
صحفي ومعد تقارير لدى مركز سوث24 للأخبار والدراسات
- الصورة الرئيسية: وقفة احتجاجية للمعينين أكاديمياً بدون تعزيز مالي بجامعة عدن أمام القصر الحكومي بمعاشيق، ديسمبر 2019 (الجنوب الجديد)
- ملاحظة: تلّقى "سوث24" وثائق تتضمن خطابات لوزراء حكومات سابقة بشأن حل قضية المعينين أكاديمياً، والتي تثبت صدور قرارات لم يُنفّذ منها شيء
قبل 3 أشهر