التقارير الخاصة

الاقتصاد اليمني: ضعف حكومة المناصفة وعواقب استمرار الصراع

17-05-2021 الساعة 9 مساءً بتوقيت عدن

language-symbol

سوث24| عدن 


يواصل الوضع الاقتصادي اليمني مسيرته المتسارعة نحو الانهيار بالعاصمة عدن والمحافظات المحررة الأخرى في ظل أداء حكومي هش من قبل حكومة المناصفة الجديدة حيث سجّل الريال اليمني انهياراً قياسياً أمام العملات الأجنبية خلال الفترة الماضية، ليتجاوز سعر الريال الواحد 900 ريال أمام الدولار.


أزمات اقتصادية وخدمية تتصاعد وتيرتها نتيجة استمرار انهيار العملة، حيث ارتفعت قيمة السلع الغذائية الأساسية إلى أكثر من 20 % من قيمتها السعرية السابقة، يتزامن ذلك مع استنفاذ الوديعة السعودية العام الماضي وتصاعد العجوزات المالية الحكومية والنقص الحاد في النقد الاجنبي بالإضافة لانخفاض الإيرادات خصوصا في المناطق التي تقع تحت سيطرة الحكومة في شمال اليمن، كـ مدينة مأرب، فضلا عن التذبذب في دفع مرتبات القطاع العام، الأمر الذي أدى إلى زيادة التضخم وساهم في تعليق الخدمات العامة المقدمة للمواطنين بشكل كبير ومنها خدمتي الماء والكهرباء. 


"خطورة ضخ الأموال الجديدة الى السوق سيؤدي إلى المزيد من التدهور للريال اليمني"


وكان برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن في تقرير له - بعنوان تقييم الأضرار والقدرات: ميناء عدن وميناء المكلا - قد توقّع أنّ أكثر من 16 مليون يمني سيواجهون الجوع هذا العام - أي أكثر من نصف السكان - بينما يعاني من الجوع فعلًا ما يقرب من 50 ألف في ظروف تشبه المجاعة. 


وأكّد التقرير الذي صدر في السادس والعشرين من أبريل الماضي أنّ المجاعة لا ترجع لنقص الغذاء، ولكن لارتفاع تكلفة المنتجات المستوردة الذي يؤدي إلى ارتفاع أسعار السوق، مما يجعل الغذاء المتوفر بالأسواق صعب المنال بالنسبة لليمني العادي.


غياب دور حكومة المناصفة وتداعياته


يقول خبراء اقتصاديون أنه بالرغم من التشكيل الحكومي الجديد الذي جاء نتيجة تنفيذ اتفاق الرياض وتوقف الصراع بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي خلال العام الماضي، لكنّ الأداء الحكومي في مواجهة التحديات الاقتصادية لم يتغير خلال الأشهر الماضية لعام 2021.


قال الأستاذ المساعد في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة عدن الدكتور سامي محمد قاسم في حديث لـ سوث24، "أن أداء الحكومة الجديدة ضعيف وذلك لعدة أسباب منها؛ الحكومة ليست متخصصة ..؛ تفتقر الحكومة لخطة عمل استراتيجية سواء قصيرة أو متوسطة الأجل وذلك لسببين الأول أنّ الحكومة لم تستطع تحديد الموارد وذلك يظهر من خلال عدم إعلان الحكومة موازنتها السنوية."


والسبب الثاني، وفقا للخبير الاقتصادي "هو ضعف الأداء للمكاتب الحكومية وضعف التحصيل للموارد المالية المركزية أو المحلية بالإضافة لضعف أداء إدارة البنك المركزي وغياب الكفاءات في إدارته وانتشار الفساد المالي والإداري وضعف الأجهزة الرقابية وعدم وجود استراتيجية واضحة للأجور وضوابط تحدد كيفية الصرف."


من ناحيته، اعتبر الصحفي المختص في الشأن الاقتصادي ماجد الداعري في تعليق لـ "سوث24، أنّ "الوضع الاقتصادي في أصعب مراحله باليمن مع فشل الحكومة اليمنية في إدارة ملف الخدمات وصرف المرتبات وتفعيل عمل المؤسسات وإدارة القطاع المصرفي والحفاظ على أدنى مستوى من استقرار صرف عملتها المحلية مقارنة بمناطق مليشيات الحوثي."


"التحديات الاقتصادية الصعبة تتوقف الى حد كبير على تفعيل أداء حكومة المناصفة من جهة واستتباب الوضع السياسي والعسكري في جنوب وشمال اليمن"


ووفقًا للداعري فإنّ إيقاف الحرب يُعد ضرورة ملحة، "ستسمح بتصحيح إدارة الملف الاقتصادي وتعيين قيادة مصرفية حقيقية ومجلس إدارة مخضرم على صلة ودراية كاملة بشؤون السوق المصرفية المختلة.. وإيقاف تعطّل موارد الدولة القومية وتوريد عوائدها إلى البنك المركزي اليمني بعدن وإصلاح اقتصادي شامل واجتثاث لكل منابع الفساد".


البنك المركزي وإغراق السوق


يُحمّل خبراء اقتصاديون البنك المركزي اليمني في العاصمة عدن التسبب، بصورة رئيسية، في الانهيار الاقتصادي نتيجة استمراره في سياسة طبع العملات الورقية بدون غطاء من العملة الأجنبية. وكانت مصادر مطلّعة قد أبلغت "سوث24"، في وقت سابق، وصول سفينة تحمل على متنها 8 حاويات من الأموال المطبوعة حديثًا الى ميناء المكلا بحضرموت وذلك في التاسع من مايو الماضي. [1]


وقالت وسائل إعلام محلية في حضرموت، أنّ الباخرة” كلمنتينا اف” وصلت لميناء المكلا وعلى متنها 8 حاويات من الأموال المطبوعة الجديدة، ستنقل إلى البنك المركزي بالمحافظة. [2]


وأكد الصحفي ماجد الداعري الى أنّ "الحكومة شرعت في طباعة الترليون الثالث من العملة وسط فشلها في صرف المرتبات أو الإيفاء بأي من التزاماتها الحكومية تجاه الخدمات الأساسية لمواطنيها."


ويرجّح مراقبون اقتصاديون أنّ خطورة ضخ الأموال الجديدة الى السوق سيؤدي إلى المزيد من التدهور للريال اليمني وزيادة متسارعة في الانهيار الاقتصادي.



السفينة التي تحمل الدفعة الأولى من المشتقات النفطية، ضمن اتفاقية المنحة السعودية، خلال وصولها ميناء عدن (الرياض)


المنحة السعودية.. وأزمة الكهرباء


أعلنت المملكة العربية السعودية توقيع اتفاقية مع حكومة المناصفة الجديدة، في 13 أبريل / نيسان الماضي، لتوريد منحة مشتقات نفطية لتشغيل أكثر من 80 محطة كهربائية، بإجمالي كميات مليون و260 ألفا و850 طنا متري، وبمبلغ 422 مليون دولار أميركي.


ويرى الدكتور سامي قاسم، أنّ المنحة النفطية قد تؤدي إلى "إيقاف تدهور العملة المحلية أمام العملات الأجنبية وذلك نتيجة لسحب العملة الأجنبية من السوق المحلي لتغطية الاستيراد بشكل أكبر من الوارد من العملة الأجنبية الداخلة للسوق." 


"خبير اقتصادي: تفتقر الحكومة الجديدة لخطة عمل استراتيجية، ولم تستطع تحديد الموارد وذلك يظهر من خلال عدم إعلان الحكومة موازنتها السنوية"


وتُعد عملية استيراد المشتقات النفطية لمحطات الكهرباء أو وقود السيارات السبب الرئيس لخروج العملة الأجنبية من السوق المحلي لذلك فإنّ وجود المنحة ستساهم في تخفيف فاتورة الاستيراد، ما سيدفع بتحسن طفيف في أسعار العملة المحلية في حال استمرت المنحة وتحسّن أداء حكومة المناصفة، من خلال إيجاد آلية لزيادة الموارد من العملة الأجنبية كإعادة تصدير الغاز، وفقا للخبير الاقتصادي في جامعة عدن، أنه يمكن للدولة توريد ما بين 700 و800 مليون دولار سنويا من ذلك. 


وكانت دفعة أولية من المنحة النفطية قد وصلت إلى العاصمة عدن في وقت سابق من هذا الشهر، لكنّ ذلك لم يغيّر من وضع الكهرباء، وفقا لبعض الأهالي، الذين تحدثوا لسوث24 في وقت سابق.


الحوثيون وسياسة الضغط الاقتصادي


في شمال اليمن، انتهج الحوثيون خلال السنوات الماضية سياسات متطرفة ساهمت في تدهور الاقتصاد اليمني، في ظل الاتهامات الموجّهة لهم بنهب الاحتياطات النقدية للبنك المركزي اليمني بصنعاء، ورفض التعامل مع العملات الورقية الجديدة، وسحب النقدي الأجنبي والعملات القديمة من المحافظات المحررة، الأمر الذي ساهم في زيادة تعطيل النشاط الاقتصادي وألحق الضرر الكبير في البنية التحتية الاقتصادية خصوصاً في المحافظات التي لا يسيطرون عليها.


ويهدف الحوثيون من خلال انتهاج سياسة الضغط الاقتصادي على المحافظات المحررة، لتحفيز التوتر السياسي والاجتماعي ضمن الصراع القائم مع حكومة المناصفة الجديدة في جنوب اليمن.


تتسم الآفاق الاقتصادية اليمنية في عام 2021 بالغموض والتحديات الصعبة وتتوقف الى حد كبير على تفعيل الأداء الحكومي لحكومة المناصفة الجديدة من جهة واستتباب الوضع السياسي والعسكري في جنوب وشمال اليمن من جهة أخرى.


- مركز سوث24 للأخبار والدراسات

- الصورة الرئيسية: (رسمي)


شارك
اشترك في القائمة البريدية

اقرأ أيضا