دولي

انتهى الحصار على قطر، لكنّ الخلاف الخليجي مستمر

07-01-2021 الساعة 4 مساءً بتوقيت عدن

language-symbol

سوث24| أنيل شيلين


عندما هبط أمير قطر تميم آل ثاني في المملكة العربية السعودية يوم الثلاثاء لحضور القمة السنوية الحادية والأربعين لمجلس التعاون الخليجي، كان في استقباله عند الطائرة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان. في حين أنّ مثل هذا الترحيب عادة من رئيس دولة مضيفة لن يتصدر عناوين الصحف، إلا أنّه أمر غير عادي في ظل هذه الظروف. حتى اليوم كان الرجلان وبلديهما متباعدين بمرارة.


وسبق زيارة تميم إعلان وزير الخارجية الكويتي الاثنين أنّ السعودية سترفع الحصار عن قطر. كان الحصار قائماً منذ يونيو/حزيران 2017، عندما أنهت السعودية والإمارات والبحرين ومصر جميع علاقاتها مع قطر وفرضت ما أشارت إليه بـ "المقاطعة"وإغلاق الحدود أمام المملكة العربية السعودية، الجسر البري الوحيد لقطر، فضلاً عن جزء كبير من المجال الجوي المحيط.


كان الإعلان عن إعادة الرياض فتح المنافذ البرية والجوية والبحرية مع قطر مؤشراً على إحراز تقدم حقيقي في حل الخلاف الخليجي الذي أدى إلى انقسام دول مجلس التعاون الخليجي، حيث كانت السعودية والإمارات والبحرين من جهة، وقطر من جهة أخرى، وتحاول الكويت وسلطنة عمان البقاء على الحياد.


وقّعت الدول الثلاثاء اتفاقية "التضامن والاستقرار" التي أعلنتها الدول لفك الإغلاق عن قطر، في حين ستلغي قطر الدعاوى القضائية ضد السعودية والإمارات والبحرين التي رفعتها إلى منظمة التجارة العالمية. كما تتفق الدول على إنهاء حملاتها الإعلامية التي تهاجم بعضها البعض.


ومع ذلك، وعلى الرغم من الاستقبال الحار الذي تلقاه تميم من محمد بن سلمان لدى وصوله، إلا أنّ الصدع الخليجي لم يندمل بعد. ولا تزال مصادر التوتر الأساسية دون حل، ومن المرجّح أن يستمر انعدام الثقة والغضب من كلا الجانبين، ويرجع ذلك جزئيا إلى ثلاث سنوات ونصف من الصحافة والدعاية السلبية.


بعد أسبوعين من فرض الحصار في عام 2017، أصدرت المملكة العربية السعودية وحلفاؤها 13 مطلبًا، والتي اُعتبرت في أقصى حدودها "مصممة للرفض". ومع ذلك، حددت المطالب عدة مصادر حقيقية للقلق، بما في ذلك علاقات قطر المستمرة مع إيران، القاعدة العسكرية التركية في قطر، والنقد الحاد عادةً الصادر عن شبكة الجزيرة القطرية (على الرغم من أن الشبكة خففت من حدة نقدها خلال الأسابيع العديدة الماضية، على الأرجح تحسبا لحل محتمل).


لا يزال دعم قطر للجماعات الإسلامية يشكّل مشكلة في نظر الحاكم الفعلي لدولة الإمارات العربية المتحدة، محمد بن زايد، الذي ينظر إلى جماعات مثل جماعة الإخوان المسلمين على أنها أحد التهديدات الرئيسية للمنطقة. وفي المقابل، يعتبر العاهل السعودي الملك سلمان ومحمد بن سلمان إيران والجماعات التي تساعدها، بما في ذلك حركة الحوثيين في اليمن، مصدراً كبيرا للخطر من الجماعات السنية مثل جماعة الإخوان المسلمين.


لذلك، فإن نهاية الحصار تُشير إلى درجة من الحركة في الحسابات السعودية/الإماراتية مقابل الرغبة في حل الخلاف مع قطر. وفي نوفمبر/تشرين الثاني، قال السفير الإماراتي النافذ لدى الولايات المتحدة، يوسف العتيبة، إنّ حل النزاع القطري "لم يكن على قائمة أولويات أحد". وفي المقابل، أعلن وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان في أوائل كانون الأول/ديسمبر أنّ التوصل إلى اتفاق مع قطر "في متناول اليد".


وتعكس التطورات الأخيرة أيضاً التوقعات في المنطقة بشأن إدارة بايدن القادمة. ومن خلال تطبيع العلاقات مع إسرائيل في آب/أغسطس، عززت الإمارات العربية المتحدة بالفعل مكانتها في قائمة الشركاء الإقليميين الرئيسيين لأميركا، بغض النظر عمن فاز في الانتخابات الرئاسية الأميركية. وفي المقابل، يتوقّع السعوديون مواجهة ضغوط سياسية من بايدن، الذي وصف المملكة العربية السعودية بأنها"منبوذة"،والتزم بإنهاء مبيعات الأسلحة.


ومن خلال العمل على إصلاح الخلاف مع قطر، قد يأمل السعوديون في أن ينقلوا أيضاً فائدتهم البناءة كشريك إقليمي، أو ربما يصرفون الانتباه عن قصفهم المستمر لليمن.


بدأت السعودية والإمارات حصار قطر بعد أسبوعين من زيارة ترامب للسعودية خلال أول زيارة له إلى الخارج كرئيس في مايو 2017. وعلى الرغم من أن إدارة ترامب قد أعربت عن اهتمامها بتنسيق شركاء أمريكا في الخليج ضد إيران في الوقت الذي يستعد فيه ترامب لمغادرة الاتفاق النووي مع إيران، فقد دفع السعوديون والإماراتيون رواية لعبت فيها قطر دوراً ضاراً بنفس القدر في رعاية الإرهاب.


دفع مستشار الإمارات العربية المتحدة، جورج نادر، 2.5 مليون دولار لجمع التبرعات لترامب، إليوت برويدي، للمساعدة في إقناع ترامب بأنّ قطر عدو، على الرغم من استضافة قطر في "العيديد"، أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط. استخدم برويدي بعض الأموال في مؤتمر مناهض لقطر عقدته مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، وهي مجموعة ضغط مسجّلة من الصقور في واشنطن، أعلن فيه النائب آنذاك إد رويس، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب في ذلك الوقت، عن تشريع يحدد قطر كدولة راعية للإرهاب. وقد تم الكشف عن هذه الحالات وغيرها من حالات الفساد السياسي في وقت لاحق في تحقيق مولر.


أطلق القطريون حملة ضغط، بما في ذلك إنشاء معهد قطر وأمريكا. في شهر مايو من عام 2020، كان مطلوبا من شركة QAI أن تُسجّل كعميل أجنبي بعد تلقي 5 ملايين دولار من قطر، ثم أعيدت تسميتها معهد قطر وأمريكا للثقافة. وبشكل عام، استفادت جماعات الضغط في جميع ممالك الخليج الثلاث بشكل كبير من انفتاح ترامب على الإقناع النقدي والحرص على بيع الأسلحة.


ومن المرجح أن ترحب إدارة بايدن القادمة بتخفيف التوترات باعتبارها صداعاً أقل في السياسة الخارجية خلفته إدارة ترامب. ومع ذلك، وعلى الرغم من أنّ تميم ومحمد بن سلمان قد يشعران بأنهما مستعدان للعناق..، إلا أنّ على بايدن أن يحمل جميع الأنظمة الخليجية المسؤولية عن الانتهاكات المستمرة، والأسوأ من ذلك الحرب السعودية على اليمن، وسجن وتعذيب نشطاء حقوق الإنسان على يد كل من السعودية والإمارات، فضلاً عن سوء معاملة قطر للعمال المهاجرين في الوقت الذي تتسابق فيه للتحضير لكأس العالم 2022.


في الواقع، ينبغي على بايدن أن يعتبر أن رغبة القادة السعوديين والإماراتيين في تجاهل إحباطهم من قطر تعكس في المقام الأول تصميمهم على معارضة التواصل المحتمل من قبل إدارته مع إيران. وبسبب كراهية إدارة ترامب الشديدة لإيران، شعرت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة أن بإمكانهما التركيز على مظالم أخرى، مثل قطر.


 الآن في مواجهة احتمال عودة الولايات المتحدة للانضمام إلى الاتفاق النووي الإيراني، يقوم محمد بن سلمان ومحمد بن زايد بتدوير العربات بشكل فعال، في محاولة لإعادة توحيد دول الخليج العربي من أجل إعادة تركيز الانتباه على التهديد المتصور من طهران.


- المصدر الأصلي بالإنجليزية: Responsible Statecraft

- عالجه للعربية: مركز سوث24 للأخبار والدراسات


شارك
اشترك في القائمة البريدية

اقرأ أيضا