03-01-2021 الساعة 6 مساءً بتوقيت عدن
سوث24| قسم التحليل
استهل زعيم أنصار الله "الحوثيين" في اليمن عبدالملك الحوثي، العام 2019 بالتأكيد على أنّ أنّه "سيكون عاماً باليستياً". الرسالة التي اعتبرها مراقبون رسالة عسكرية موجهة للمملكة العربية السعودية والتحالف العربي وحلفائه المحليين في جنوب اليمن، ترجمتها بالفعل أحداث العام التي ازدحمت بالهجمات العسكرية على الأراضي السعودية وحلفائها الجنوبيين، تتراوح بين هجمات الصواريخ الباليستية وطائرات الدرون المسيّرة.
في سبتمبر 2019 هاجم سرب من الطيران المسيّر شركة أرامكو السعودية في بقيق، أعلنت الميليشيات الحوثية عن تبنيها للهجوم، فيما رجّحت جهات استخبارات دولية أنّ الهجوم قد انطلق من شمال السعودية وتحديداً العراق وليس من اليمن، الأمر الذي وضع مزاعم الجماعة في زاوية السخرية والتقليل من شأن قدراتها العسكرية.
عقب حادثة أرامكو سحبت الإدارة الأمريكية منظومتها الدفاعية "الباتريوت" من السعودية. أثارت وسائل الإعلام الروسية تساؤلاتها عن الخطوة الامريكية وعن جدوى وفاعلية منظومة الباتريوت في التصدي لهجوم عسكري نوعي وجديد كالذي حدث لأرامكو، وفتحت باب السؤال عما إذا ما كان فارق التكلفة الاقتصادية بين صواريخ الباتريوت الدفاعية الباهظة الثمن والتكلفة الزهيدة للطيران المسيّر والصواريخ الباليستية هو السبب، وطرحت إذا ما كانت الكثرة العددية وصغر الحجم للهجوم تكشف عن عيبٍ فني لدى منظومة الباتريوت.
حاول الإعلام الروسي أن يضع السبب في زاوية التساؤل عن مدى فاعلية السلاح الامريكي، لأسباب تتعلق بالتنافس والتسويق التجاري بين أمريكا وروسيا.
اقرأ أيضاً: استمرار «حرب الصواريخ» في اليمن قد تدفع واشنطن لحرب مباشرة
كانت قد بدأت رغبة الإدارة السعودية تتزايد في سعيها لشراء منظومة الدفاع الروسي إس-400. لكنها توقفت عن المضي قدماً في هذا الجانب.
فيما كان العام 2020 عاماً بيولوجياً اتسم بانتشار فيروس كوفيد19 من ولاية واهان الصينية إلى كل دول العالم، استمرّ الحوثيون في اليمن في تطوير قدراتهم الباليستية، لم تتوقّف عملياتهم العسكرية استجابة لنداءات الأمم المتحدة في وقف الحرب والتفرّغ لمواجهة خطر انتشار فيروس كوفيد19.
كلّلت إيران العام 2020 بإدخالها سفيراً معتمداً لها لدى الجماعة الحوثية في صنعاء، حسن إيرلو، ذي الخلفية العسكرية والعقائدية المتشدّدة. ظلّت هجمات الحوثيين العسكرية تقتحم الأجواء السعودية وتستهدف حلفائها في جنوب اليمن، كان آخرها الهجوم الصاروخي العنيف على مطار عدن الدولي، في 31 ديسمبر كانون الأول، لحظة وصول حكومة المناصفة بين الشمال والجنوب القادمة من الرياض والمنبثقة من اتفاقها السياسي بين الحكومة السابقة والمجلس الانتقالي الجنوبي.
على وقع الهجوم الصاروخي على مطار عدن، كشف القيادي في الجماعة الحوثية محمد علي الحوثي، عما اعتبره، امتلاك جماعته لقوة ردع عسكري تستحق تناول الخبراء الاستراتيجيين وافتخار الشعب اليمني على حد تعبيره.
اقرأ أيضا: الحوثي يُقرّ بمسؤوليته عن «الهجوم الإرهابي» على عدن
لكن قبل أن يُفاخر الحوثيون بامتلاكهم قدرات عسكرية من الصواريخ الباليستية والطيران المسيّر تتصف بالدقة في التصويب والقوة في التدمير، ينبغي الإشارة إلى أنّ منظومة سلاح الجو في اليمن قد دُمّرت وانتهت بالكامل خلال أزمة الحرب اليمنية، وبسيطرة الحوثيين على صنعاء وانقلابهم العسكري على شرعية الرئيس هادي الحكومية أحل الحوثيون بالتدريج منظومة تسليح إيراني من الصواريخ الباليستية والطيران المسيّر حلت مكان سلاح الجو اليمني.
الجدير بالذكر أنّ الأجواء اليمنية تقع تحت سيطرة التحالف العربي الذي تقوده السعودية وكذلك المنافذ البرية والبحرية والمياه الإقليمية، حيث يقف التحالف العربي جنباً إلى جنب مع التحالف الدولي لحفظ أمن الملاحة الدولية، وهذه الأخيرة عكّر صفوها الحوثيون، بهجمات عسكرية جديدة، تمثّل بعضها في طوربيدات موجّهة وألغام بحرية من صنع إيران.
"انتشار هذه المنظومة الخطيرة من التسليح تُشير إلى وقوعها بيد جماعات الإسلام السياسي المتطرّفة"
بالوقوف على عملية ادخال منظومة التسليح الحوثي الجديدة من الصواريخ الموجّهة، لعل أول حادثة استهداف للرئيس السابق علي صالح بصاروخ موجّه بدقة على مكان تواجده لصلاة الجمعة في جامع معسكر النهدين، في 3 يونيو 2011، تُعدّ الأبرز والبداية لانطلاق هذا النوع من السلاح وانتشاره في يد الجماعة الحوثية واعتماده كمنظومة تسليح انتهت إلى ما وصفها القيادي الحوثي بقوة الردع التي من شأنها أن تُحدث توازنات في المنطقة.
ورغم أنّ الاتهام في قصف الرئيس السابق، لم يوجّه رسمياً لجهة معينة، فإن صالح، الذي قتله الحوثيون لاحقاً بأوامر إيرانية، والمسئولين الموالين له أشاروا تارة بأصابع الاتهام إلى خصومه في الجيش بقيادة علي محسن الأحمر، نائب الرئيس الحالي، ورجال القبائل الذين كانوا متحالفين معه خلال العقود الماضية ممثلين بالشيخ صادق الأحمر، وتارة أخرى إلى تنظيم القاعدة. [1]
الفريق الأمريكي الذي حقّق في حادثة جامع النهدين خرج بنتيجة تُشير إلى أنّ السلاح المستخدم في الحادثة يشبه الصواريخ المستخدمة في حرب افغانستان من قبل الجماعات الإسلامية المتطرّفة هناك.
خارطة انتشار هذه المنظومة الخطيرة من التسليح تُشير إلى انتقالها من دول إسلامية بعينها ووقوعها بيد جماعات الإسلام السياسي المنتشرة في المنطقة العربية. ولعلّها الخارطة التي تتشكّل بالتزامن مع تشكّل خارطة انتشار الفكر العقائدي المتطرّف كسلاح أيدلوجي في المنطقة، وتنتقل معها الحافر بالحافر لتصنع لعبة توزان قوى جديدة تتشكل على محورين، إسلامي عربي.
زميل في مركز سوث24 للأخبار والدراسات، باحث في الشؤون السياسية اليمنية