دولي

ما هي خيارات طهران في حال شنّ ترامب هجمة عسكرية وشيكة؟

22-11-2020 الساعة 3 مساءً بتوقيت عدن

language-symbol

سوث24| ترجمة خاصة


أثارت التقارير التي تفيد بأنّ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد استشار كبار مساعديه بشأن خيارات الهجوم العسكري على إيران تكهنات بأنّ صراعاً جديداً مزعزعاً للاستقرار قد يكون وشيكاً في نهاية فترة ولايته المضطربة.


وبحسب ما ورد تراجع ترامب (.) عن شنّ هجوم عندما واجه سيناريوهات يمكن أن تؤدي لمثل هذه الضربة. لكن لا تزال هناك مخاوف من احتمال قيامه بإطلاق صواريخ على خصمه الإيراني، تاركاً وراءه صراعاً لمنافسه الرئيس المنتخب جو بايدن.


أثار ترامب خيار الضربة في اجتماع 12 نوفمبر في المكتب البيضاوي مع كبار أعضاء حكومته، وهم نائب الرئيس مايك بنس، ووزير الخارجية مايك بومبيو، ووزير الدفاع بالإنابة كريستوفر سي ميللر، ورئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك ميلي.


ليس من الواضح ما إذا كان هناك إجماع في الحديث عن ترامب خارج المناورة المحفوفة بالمخاطر، وما إذا كانت الضربات لا تزال مطروحة على الطاولة. لكنّ التقارير قالت إنّ ترامب تم تحذيره من أنّ أي هجوم على المنشآت النووية الإيرانية يمكن أن يتحول بسرعة إلى صراع أوسع نطاقا يؤجج الكثير من مناطق الشرق الأوسط.


تدعم إيران أو تحتفظ بقوات بالوكالة في العراق وسوريا واليمن ولبنان ويُمكن توقّع شنّ هجمات انتقامية ضد أهداف الولايات المتحدة وحلفائها في تلك الدول.


استكشف خبراء منذ ذلك الحين سيناريوهات مختلفة لكيفية شنّ مثل هذه الحرب وكيف يُمكن أن تجتاح المنطقة الأوسع.


كتب كوري شاك، مدير السياسة الخارجية والدفاعية في معهد أمريكان إنتربرايز، في مقال أخير أنّ الولايات المتحدة قد تختار تدمير الصناعة النووية الإيرانية من خلال الهجمات المستمرة على مفاعلاتها ومصانع التخصيب على مدى عدة أسابيع.


باستثناء هجوم على المنشآت النووية الإيرانية، يمكن للولايات المتحدة أيضاً أن تُطلق حملة "صواريخ تطلق من الغواصات أو الجو ضد أهداف عسكرية إيرانية" حتى لا تُشرك قواعد حلفائها الواقعة على مقربة من إيران كمنصات انطلاق للهجمات، وفتح باب للانتقام.



تُظهر هذه الصورة التي نشرتها منظمة الطاقة الذرية الإيرانية في 4 نوفمبر / تشرين الثاني 2019، منشآت تخصيب ذري في محطة ناتانز للطاقة النووية، على بعد 300 كيلومتر جنوب العاصمة طهران. (الصورة: وكالة الطاقة الذرية الإيرانية)


واستمر شاك في الافتراض بأنّ أي تدخّل من هذا القبيل من قبل الولايات المتحدة سوف يستدعي إجراءً متبادلاً من إيران، حيث من المحتمل أن تنشر طهران سلاحاً نووياً، إذا كان لديهم بالفعل. وتكهّن شاك يُمكن أن تستهدف أيضاً القواعد الأمريكية في العراق ومنشآت القيادة المركزية الأمريكية في البحرين ومعاقل إقليمية أخرى.


كتب ديفيد أنديلمان، المدير التنفيذي لمشروع الخطوط الحمراء، أنه بينما تستعد الولايات المتحدة لسحب قواتها من العراق خلال الشهرين المقبلين، فإنّ موقعها في البلاد سيكون أكثر عرضة للخطر، وأي خطوة يتخذها ترامب " للإغراء والتحدي وحتى الهجوم على إيران" يُمكن أن يعرض القوات الأمريكية المتبقية والمصالح الأمريكية الأوسع في المنطقة لخطر جِدّي.


من غير الواضح سبب تفكير ترامب في شنّ هجوم الآن، على الرغم من أنّ البعض يشك في أنه قلق بشأن إرث سياسته تجاه إيران.

 أظهر تقرير حديث صادر عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية أنّ احتياطيات إيران من اليورانيوم منخفض التخصيب هي الآن أكبر 12 مرة مما سمحت بها صفقة الاتفاق النووي، التي وقعت في يوليو 2015 وانسحب ترامب منها في منتصف عام 2018.


يُعتقد أنّ المخزون النووي الذي يبلغ وزنه 2442 كيلوغرامًا، وفقًا لتقييم الخبراء، كافٍ لإنتاج سلاحين نوويين على الأقل، وهو دحض قوي لمزاعم إدارة ترامب (.) بأن العقوبات والضغط على طهران شكّل نجاحاً سياسياً. فرض ترامب عقوبات شديدة القسوة على إيران، مما يضمن عزل الجمهورية الإسلامية عن قطاعات الطاقة والبنوك والمالية والنقل في العالم.


اقترح البعض أنّ ترامب قد يهدف أيضاً إلى الاستفادة من سلطات الطوارئ كرئيس "في زمن الحرب" لتأجيل أو وقف التصديق الرسمي لخسارته في الانتخابات الرئاسية في 3 تشرين الثاني / نوفمبر أمام بايدن، لكن التحديات القانونية التي يواجهها تبدو بشكل متزايد وكأنها فرصة طويلة يائسة.


هناك العديد من الأسباب التي تجعل ترامب يختار عدم تصعيد أنظمة عقوباته إلى عمل عسكري.


على سبيل المثال، تحدث ترامب بصرامة من قبل لكنه امتنع إلى حد كبير عن بدء صراعات جديدة أثناء توليه منصبه. وقد شجب في عدة مناسبات "الحروب التي لا نهاية لها" للولايات المتحدة التي بدأها أسلافه، بمن فيهم باراك أوباما وبايدن، وسعى بنشاط لتقليص دور الولايات المتحدة المزعوم كشرطي في العالم.


كما أنه ابتعد عن الصراع مع إيران حتى عند استفزازه. في يونيو 2019، عندما أسقط الحرس الثوري الإسلامي في طهران طائرة استطلاع أمريكية بدون طيار فوق مضيق هرمز في الخليج العربي بعد أن تم رصدها في المجال الجوي الإيراني، أذن ترامب بضربات صاروخية انتقامية على عدد من المواقع العسكرية الإيرانية لكنه ألغى هذه الضربات في اللحظة الأخيرة.


في تبريره لذلك، قال ترامب إنه علم من خلال مستشاريه العسكريين أن ما لا يقل عن 150 شخصاً كانوا سيقتلون في مثل هذا الهجوم، وأنه لا يريد تسجيل الخسائر في سجله.


في 3 كانون الثاني (يناير) من هذا العام، قُتل الجنرال قاسم سليماني، القائد العسكري الإيراني والساعد الأيمن للمرشد الأعلى الإيراني، في غارة أمريكية بطائرة بدون طيار بالقرب من مطار بغداد الدولي. واعترف ترامب شخصيا بتأمينه للعملية التي اغتالت الجنرال الكبير.

وضع الاغتيال الشرق الأوسط والعالم في حالة توتر، مع تكهنات بأنّ القتل قد يكون المباراة لإشعال الحرب العالمية الثالثة. بدلاً من ذلك، أطلق الحرس الثوري الإسلامي، الذي لا يهدأ من أجل انتقام يحفظ ماء الوجه، 22 صاروخًا أرض-أرض على قاعدة عين الأسد الجوية في الأنبار العراقية وقاعدة أخرى في أربيل تستضيف القوات الأمريكية في 8 يناير.


لتجنب وقوع وفيات على نطاق واسع، أعطت إيران إشعاراً مسبقاً للسلطات العراقية، التي بدورها أبلغت القوات الأمريكية حتى يتم إجلاؤها. على الرغم من أنّ الغارات الإيرانية لم تتسبب في أي وفيات، فقد تم تشخيص 109 جنود أمريكيين بإصابات دماغية من الضربات، حسبما أفاد البنتاغون.


ثانيًا، في حين يُنظر إلى ترامب على نطاق واسع على أنه غير متمرس في الجغرافيا السياسية، ويفضّل التعاملات التجارية على الدبلوماسية التقليدية، إلا أنّ لديه العديد من المستشارين المتمرّسين من حوله، بما في ذلك الخبراء  في إيران. يُعتقد أنهم قد أوضحوا بالتفصيل الآثار غير المباشرة لسياسة حافة الهاوية العسكرية مع إيران، بما في ذلك الأهداف المحتملة للولايات المتحدة وحلفائها للرد الإيراني.


يمكن أن يشمل ذلك إغلاق مضيق هرمز، وهو ممر رئيسي لشحنات النفط العالمية، وتشجيع حماس في فلسطين وحزب الله في لبنان على ضرب المدن الإسرائيلية بصواريخ مقدّمة من إيران، وشن هجمات على القواعد الأمريكية في العراق بما في ذلك سفارتها العملاقة في بغداد. يمكن لإيران أيضاً حثّ المتمردين الحوثيين في اليمن على ضرب المملكة العربية السعودية حليفة الولايات المتحدة، بما في ذلك منشآتها المنتجة للنفط بطائرات إيرانية بدون طيار.



إيران قد تلجأ لإغلاق مضيق هرمز في الخليج العربي واستخدام وكلائها في المنطقة. (الخريطة: ناسا)


من المؤكد أن التهديد الأمريكي بضربة عسكرية "وشيكة" على المنشآت النووية الإيرانية، أو حرب أكثر شمولاً ضد البلاد، ظل مطروحًا على الطاولة منذ ما يقرب من 20 عاماً.


منذ اندلاع الجدل النووي الإيراني في عام 2002، هددت الولايات المتحدة إيران بهجمات مدمّرة لمنعها من امتلاك سلاح نووي. رداً على ذلك، وعدت إيران برد ساحق من شأنه أن يجعل الولايات المتحدة تندم على أول ضربة لها. الخصمان القديمان لا يشتركان في العلاقات الدبلوماسية.


جورج دبليو بوش وأوباما وترامب جميعهم في مرحلة ما من فترة ولايتهم لعبوا بفكرة مهاجمة إيران. حذر ترامب إيران في كانون الثاني (يناير) من هذا العام من أنه سيشن ضربات على 52 موقعاً ثقافياً إيرانياً إذا ما أضرت إيران بأي مواطن أو أصول أمريكية.


وقد غرد في ذلك الوقت بأن مواقع التراث الثقافي التي لم يذكر اسمها "عالية المستوى ومهمة جداً لإيران والثقافة الإيرانية" وأنّ "إيران نفسها" ستتعرض "لضربات سريعة جداً وقوية جداً".


من جهته، وجّه أوباما، تهديدات بالحرب ضد إيران في عدد من المناسبات خلال ولايته الرئاسية التي استمرت لفترتين. على الرغم من أنّ لأوباما الفضل في ريادته للدبلوماسية المشتركة مع إيران، إلا أنّه لم يتخل أبداً عن موقع القوة عند التعامل مع إيران، حيث صرّح في مارس 2012 أنّ تهديداته باستخدام القوة العسكرية لم تكن "خُدعا".


بوش، الذي وضع إيران على القائمة السوداء كجزء من "محور الشر" بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 الإرهابية على الولايات المتحدة، فكّر في مهاجمة إيران عدة مرات. في مذكراته " نقاط القرار"، التي نُشرت في عام 2010، كشف الرئيس السابق أنه "وجه البنتاغون لدراسة ما سيكون ضروريًا لضربة" ضد إيران لوقف سعيها المزعوم لامتلاك أسلحة نووية.


المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي يزور عائلة الجنرال قاسم سليماني الذي قتلته الولايات المتحدة في 3 يناير 2020. الصورة: وكالة فرانس برس


وأظهرت تلك التقييمات أنّ وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) تُدرك أنّ إيران ليست دولة غير ساحلية مثل أفغانستان.. إنّها دولة ضخمة يبلغ تعداد سكانها 85 مليون نسمة ولديها جيش مجهّز جيداً ووكلاء في جميع أنحاء الشرق الأوسط مدربون ومستعدون لتقديم تضحيات حياة أو موت. (.) 

إذا سحب ترامب الزناد في صراع خلال أيامه الأخيرة في البيت الأبيض، فسيؤكّد ذلك فقط على فشل سياسته الخاصة بالعقوبات التي أضعفت الاقتصاد الإيراني ولكن ليس بقاء النظام وعزمه على التخلي عن إدارة أمريكية أخرى لم تنفّذ تهديدات الحرب.


المصدر بالإنجليزية: صحيفة آسيا تايمز الصينية (كوروش زيباري: كاتب ومراسل صحفي إيراني)

عالجه للعربية: مركز سوث24 للأخبار والدراسات



شارك
اشترك في القائمة البريدية

اقرأ أيضا